الاستعماليّة ، وإنّ تحقّق فيوجب التضييق في دائرة الإرادة الجدّيّة ، ولا يوجب التجوّز أو التضييق في المطلق والإرادة الاستعماليّة ، كما قال به صاحب الكفاية قدسسره في باب العامّ والخاصّ.
فالصحيحي في مقام تصوير الجامع يقول : إنّ الصلاة وضعت للأركان ـ مثلا ـ فيكون معنى قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) أقيموا هذه الأركان الخمسة ، سواء تحقّقت بقية الأجزاء أم لا ، فهو مطلق من هذه الحيثيّة ، فإذا شكّ في جزئيّة شيء يتمسّك لنفيها بإطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) إذا لم يكن المشكوك محتمل الركنيّة ؛ إذ الصلاة الفاقدة للسورة ـ مثلا ـ بلحاظ واجديّتها للأركان يصدق عليها لفظ الصلاة قطعا. وبالنتيجة يحكم قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بإتيان الأركان بلحاظ الإرادة الاستعماليّة ، وأمّا الأدلّة المقيّدة، مثل : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (١) ؛ و «لا صلاة إلّا بطهور» (٢) وأمثال ذلك ، فتوجب التقييد والتضييق في الإرادة الجدّيّة فقط ، ولا دليل على التمسّك لجزئية السورة بعدم اعتبارها بإطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وهذا معنى كون المأمور به صحيح عند الأعمّي ، فيترتّب على البحث الصحيحي والأعمّي ثمرة مهمّة.
أدلّة القولين
إذا عرفت مقدّمات البحث وثمراته فلنبدأ في ذكر أدلّة القولين :
فقد استدلّ المحقّق الخراساني قدسسره (٣) للقول بالصحيح بوجوه : منها : التبادر ، وقال: «إنّ المنسبق إلى الأذهان من ألفاظ العبادات هو الصحيح ، ومعلوم أنّه
__________________
(١) المستدرك ٤ : ١٥٨ ، الباب ١ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٥.
(٢) الوسائل ١ : ٣٦٥ ، الباب ١ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.
(٣) كفاية الاصول ١ : ٤٣ ـ ٤٥.