العروض ، وما ينسب العرض إليه حقيقة بلا عناية ومجاز.
ولا يبعد أن يكون مراده قدسسره هذا ، فإنّ المحقّق السبزواري قدسسره أيضا قال مثل ذلك ، حيث قال : «إن كان العرض وصفا للموصوف كان العرض ذاتيّا ، وإن كان وصفا لمتعلّق الموصوف كان العرض غريبا». ومن البديهي أنّه إذا نسب الوصف الذي يكون لمتعلّق الموصوف إلى نفس الموصوف كانت هذه النسبة بالمجاز والعناية.
والحاصل : أنّ الإشكال يندفع على مبنى المحقّق الخراساني ؛ إذ المرفوعيّة كما تعرض على الفاعل حقيقة تعرض على الكلمة كذلك ، فكما يقال : الفاعل مرفوع كذلك يقال : كلمة «زيد» مرفوع. ومن المعلوم أنّ هذا عرض ذاتيّ ، وعلى هذا تكون كلّ الصور الثمانية عرضا ذاتيّا إلّا الأخيرة ، وإن كانت الواسطة خارجيّة ومباينة للمعروض ، مثل الماء حارّ لمجاورته للنار ، فإنّ الماء اتّصف بالحرارة حقيقة.
ولكنّ العلّامة الطّباطبائي قدسسره (١) ضيّق دائرة العرض الذاتي وانحصر فيما لا تكون واسطة في البين.
وحاصل كلامه في حاشية الأسفار (٢) : أنّ الاقتصار في العلوم على البحث عن الأعراض الذاتيّة لا يبتني على مجرّد الاصطلاح والمواضعة ، بل هو ممّا يوجبه البحث البرهاني في العلوم البرهانيّة ، على ما بيّن في كتاب البرهان من المنطق.
وتوضيح ذلك : أنّ البرهان لكونه قياسا منتجا لليقين يجب أن يتألّف من
__________________
(١) حاشية الأسفار ١ : ٣٠ ـ ٣٣.
(٢) الأسفار ١ : ٣٠.