المقدّمات اليقينيّة ، والمقدّمة اليقينيّة يجب أن تكون ضروريّة في الصدق وإن كانت ممكنة بحسب الجهة ، مثل : الإنسان موجود بالفعل ، مع أنّ نسبة الوجود إلى الإنسان نسبة إمكانيّة ؛ إذ الوجود ليس ضروريّا له ، ولكنّه ضروري الصدق في الخارج. ويجب أيضا أن تكون المقدّمة اليقينيّة دائمة في الصدق بحسب الأزمان ، وأن تكون كلّيّة في الصدق بحسب الأحوال ، وأن يكون الحمل ذاتيّا للموضوع بحيث يوضع المحمول بوضع الموضوع ويرفع برفعه مع قطع النظر عمّا عداه ، وإذا لم يكن كذلك لا يحصل اليقين ، ولا ينتج نتيجة يقينيّة ، والظاهر منه أنّه اختصّ بالصورة التي لم تكن واسطة في البين أصلا.
وفيه : أنّه لا دليل لانحصار العرض الذاتي بهذه الصورة ، فإنّا لا نرتاب في حصول نتيجة يقينيّة ولو كانت الواسطة داخليّة أعمّ ، فضلا من أن تكون الواسطة داخليّة أو خارجيّة مساوية للمعروض.
ولا يخفى أنّ نسبة موضوع العلم إلى موضوع مسائله لا تكون دائما نسبة الجنس والنوع ، بل قد يكون موضوع العلم أخصّ من موضوعات مسائله. والعمدة في المسألة أنّه قد تكون موضوعات المسائل أعمّ من موضوع العلم ، مثل أكثر مسائل علم الاصول فإنّ موضوعه الأدلّة الأربعة مع وصف الدليليّة ، أو مع قطع النظر عن دليليّتها ، أو كان موضوعه الحجّة في الفقه ، كما سيأتي بيانه.
وإنك تقول في باب الأوامر : إنّ صيغة الأمر هل تدلّ على الوجوب أم لا؟ ومعلوم أنّ المراد من صيغة الأمر أعمّ من أن تكون في الكتاب أو السنّة ، فإنّا نتمسّك بدلالتها على الوجوب في اللغة وببناء العقلاء وأنّها تدلّ عليه ولو لم يكن الكتاب والسنّة. وهكذا في صيغة النهي.