الأمر الثالث
في خروج الأفعال والمصادر من النزاع
لا شكّ في أنّ للمشتقّات تحقّق مادّة الاشتقاقي ، ويعبّر عنه بمشتقّ منه ، ولكنّ الاختلاف في أنّها عبارة عن المصدر أو الفعل ، وهكذا في كيفيّة وضعها ، وحكي عن الكوفيّين أنّها عبارة عن المصدر ، وعن البصريّين أنّها عبارة عن الفعل ، وكلا القولين واضح البطلان ؛ إذ لا بدّ في المادّة من كونها محفوظة بلفظها ومعناها في جميع المشتقّات ، ولا تتحقّق هذه الخصوصيّة فيهما ؛ إذ الظاهر من الفعل هاهنا هو الفعل الماضي ، وكان له معنى خاصّا وهيئة خاصّة ، وليس أحدهما موجودا في أحد المشتقّات ، فإنّ هيئته آبية عن ورود هيئة اخرى عليه ، ومعناه مباين لمعنى سائر المشتقّات كما لا يخفى.
وأمّا المصدر فإن كان معناه مشتملا على النسبة ـ مثل الضرب الذي يعبّر عنه بالفارسي ب «كتك زدن» ـ فهو أيضا لا يحفظ لفظه ولا معناه في سائر المشتقّات ، وأمّا إن كان معناه خاليا عن النسبة ـ مثل أن يعبّر عن الضرب بالفارسي ب «كتك» ـ فهو وإن كان معناه محفوظا في سائر المشتقّات إلّا أنّ هيئته ليست بمحفوظة.
فالتحقيق كما قال المحقّقون من المتأخّرين : إنّ مادّة المشتقّات عارية