البصرة إلى الكوفة» يكون الابتداء باعتبار الحكاية عن الواقعيّة الخارجيّة جزئيّا ، وأمّا إذا كانت الجملة إنشائيّة مثل : «سر من البصرة إلى الكوفة» فلا يكون الابتداء فيها جزئيّا ، بل هو كلّي باعتبار تعدّد الطريق وتعدّد كيفيّة طيّ الطريق ، فعلى المشهور أن يفرّق بين الجملتين من حيث عموميّة الموضوع له وخصوصيّته.
وجوابه : أنّ المراد من الخصوصيّة في كلام المشهور ليست الخصوصيّة الخارجيّة ، بل هي خصوصيّة الطرفين اللذين يتقوّم بهما المعنى الحرفي.
وبعبارة اخرى : أنّ الواضع حين الوضع لاحظ مفهوم الابتداء ، وهو مستقلّ في عالم المفهوميّة ، مثل : استقلال مفهوم البياض والإنسان ، إلّا أنّه إذا تحقّق في الخارج يحتاج إلى الطرفين ، كالسير والبصرة ، فيكون المراد من الخصوصيّة خصوصيّة السير والبصرة ، فإنّها غير خصوصيّة السير من طهران ، وهكذا.
وأمّا الخصوصيّات الخارجيّة ـ مثل زمان السير وطريق الحركة وأمثال ذلك ـ فلا تكون مرادة ولا تدلّ عليها الجملة حتّى الجملة الخبريّة ـ مثل سرت من البصرة إلى الكوفة ـ فإنّها حاكية عن الواقعيّة الجزئيّة ، وهي تحقّق ابتداء السير من البصرة فقط. ومعلوم أنّ الجملة الإنشائيّة ـ مثل : سر من البصرة إلى الكوفة ـ أيضا تدلّ على هذه الخصوصيّة ، فلا فرق بين الجملتين من حيث جزئيّة الابتداء أصلا ، فيكون الوضع في المعاني الحرفيّة عامّا ، والموضوع له فيها خاصّا.
إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول : إنّ المادّة في باب الأفعال وضعت للحدث خالية عن النسبة والقيد ، إلّا أنّ بعد عروض هيئة من الهيئات عليها يضاف