والجدّ في طلب شيء ، فاخذ في جميع المبادئ عنوان الفعليّة.
ويؤيّده عدم أخذ العناوين المذكورة في الفعل الماضي والمضارع وأمثال ذلك ؛ إذ لم يؤخذ في «اتّجر» و «يتّجر» عنوان الحرفة أصلا ، ولكن اخذ في اسم فاعلهما ، مع أنّ المادّة في الجميع واحدة.
إنّما الكلام في أنّ ما فهم العرف من لفظ «ضارب» غير ما فهم من لفظ «تاجر» و «مثمر» وأمثال ذلك ، مع أنّ الهيئة في أكثرها واحدة ، فهل يوجب هذا الاختلاف الالتزام بتعدّد الوضع في هيئة واحدة ؛ بأن يقول : هيئة فاعل ـ مثلا ـ تارة وضعت لمعنى تدلّ على الفعليّة واخرى لمعنى تدلّ على الحرفة ، وهكذا؟
واستبعده استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) وقال بعد ذلك : يمكن أن يقال : إنّ ما يدلّ على الصنعة والحرفة وأمثال ذلك قد استعمل في تلك المعاني أوّلا بنحو المجاز حتّى صارت حقيقة تعيّنيّة ، ولكنّ هذا أيضا لا يخلو من بعد ، فإنّه يوجب الافتراق بين المبدأ والمشتقّ ، من حيث أخذ الحرفة ـ مثلا ـ في المشتقّ دون المبدأ.
وقال بعض الأعلام على ما في تقريراته : «إنّ موادّ المشتقّات ومبادئها تنقسم إلى أقسام : منها : ما يكون من قبيل الأفعال الخارجيّة كالقيام والقعود ، ومنها : ما يكون من قبيل الملكة والقوّة والاستعداد كالمجتهد والمهندس والمفتاح ، ومنها : ما يكون من قبيل الحرفة والصنعة كما في الخيّاط والبنّاء ... فيكون التلبّس بالمبدإ والانقضاء عنه في كلّ ذلك بحسبه».
ثمّ قال : إنّ كون التلبّس بالمادّة على نحو القوّة والاستعداد قد يكون
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١١١.