الأقوال في مسألة المشتق
وإذا فرغنا ممّا ذكرنا من المقدّمات فيقع البحث في أصل النزاع في باب المشتقّ. قال المحقّق الخراساني قدسسره في هذا المقام : إنّ الأقوال في المسألة وإن كثرت إلّا أنّها حدثت بين المتأخّرين بعد ما كانت ذات قولين بين المتقدّمين ؛ لأجل توهّم اختلاف المشتقّ باختلاف مبادئه في المعنى ـ كما فصّل صاحب الفصول (١) بين ما كانت مادّته فعلا لازما ، وبين ما كانت مادّته فعلا متعديا ؛ بأنّ الأوّل حقيقة في خصوص المتلبّس بالمبدإ ، والثاني حقيقة في الأعمّ منه ـ أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال ، مثل كونه محكوما عليه أو محكوما به ، فقال بعضهم باشتراط البقاء في الثاني دون الأوّل ، وقد مرّت الإشارة إلى أنّه لا يوجب التفاوت فيما نحن بصدده ، ويأتي له مزيد بيان في أثناء الاستدلال على ما هو المختار ، وهو اعتبار التلبّس في الحال ؛ وفاقا لمتأخّري الأصحاب والأشاعرة ، وخلافا لمتقدّميهم والمعتزلة.
وقد مرّ في ضمن بيان المقدّمات أنّ النزاع في باب المشتقّ يكون في المعنى اللغوي وتعيين ما هو الموضوع له لهيئة المشتقّ ، وأنّ الأساس في باب المشتقّ والفارق بين المشتقّات هي الهيئات ، وأنّ الملاك لدخول المشتقّ في محلّ النزاع
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٦٠.