يحمل على الله تعالى غير العالم المحمول علينا ؛ إذ لا إشكال في كون المبدأ عينا في الواجب وزائدا في الممكن ، بناء على مذهب الحقّ.
الأمر الرابع : في كيفيّة حمل صفات البارئ على ذاته المقدّسة
وأمّا في الجهة الثانية من المسألة فتتحقّق أقوال متعدّدة :
منها : ما نسب إلى الأشاعرة ، وهو أن تكون كيفيّة ارتباط المبدأ بالذات بنحو القيام الحلولي كقيام البياض بالجسم ، ثمّ لاحظوا أنّ صفة المتكلّم ممّا يكون إطلاقه عليه تعالى صحيحا في جميع الشرائع ، ولاحظوا أيضا أنّ قيام مبدئه ـ يعني الأصوات الخاصّة ـ على ذات الباري لو كان بنحو القيام الحلولي يستلزم أن يقع الباري مع كونه قديما معروضا للحوادث ؛ إذ لا شبهة في أنّ الأصوات من الامور الحادثة. ولذا التزموا بأنّ مبدأ المتكلّم إذا أطلق على الله سبحانه فهو كلام النفس ، وهو قديم وقائم على ذات الباري بنحو الحلول.
ويمكن أن يجاب عنه بأنّ قيام المبدأ بالذات بنحو القيام الحلولي في جميع المشتقّات واضح البطلان ، فإنّه سلّمنا أنّ قيام الضرب بالمضروب ـ مثلا ـ حلولي ، ولكنّه بالضارب صدوري لا حلولي ، فليس ارتباط المبدأ بالذات بنحو القيام الحلولي أبدا.
ومنها : ما قيل بعدم اعتبار القيام في ارتباط المبدأ بالذات أصلا ، فإنّه توهّم أنّ كلمة «القيام» ملازمة لكلمة «الحلول» ، وإشكاله أوضح من أن يخفى. وللتفصّي عن هذا الاشكال التزم بعدم اعتبار القيام رأسا.
ومنها : ما عن ظاهر الفصول (١) من اعتبار القيام بالمعنى الأعمّ من الحلول
__________________
(١) الفصول الغروية : ٦٢.