المطلب الخامس
في مسألة التمايز بين العلوم
إنّا نعلم بالبداهة أنّ العلوم تكون متعدّدة ومتغايرة ، وأمّا ملاك المغايرة والتمايز فمختلف فيه وهو معركة الآراء ، والمشهور أنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، وفي كلامهم احتمالان :
الأوّل : أن يكون مقصودهم جميع العلوم ، وأنّ القدر الجامع الذي يعبّر عنه بالموضوع يوجب التمايز بين العلوم ، كالكلمة والكلام في النحو ، وفعل المكلّف في الفقه أيضا يوجب التمايز بينهما ، وهذا الاحتمال ظاهر من كلامهم.
الثاني : ما يستفاد من كلام المحقّق الخراساني قدسسره ـ وهو أن يكون المراد من قولهم : تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ـ أنّ تمايز العلوم بتمايز موضوعات المسائل ، أي تلاحظ موضوعات مسائل كلّ علم مع علم آخر.
ونحن نبحث بعون الله تعالى عن الاحتمالين فنقول : إن كان مرادهم الاحتمال الأوّل فيرد عليه إشكالان : أحدهما قابل للدفع ، وثانيهما غير قابل للدفع ، وأمّا ما هو قابل للدفع فإنّه لو كان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات فعلم النحو والصرف والمعاني والبيان مع أنّها علوم متعدّدة كيف يكون موضوعها الكلمة والكلام؟! لأنّه على هذا التقدير لا يكون موضوعها شيئا واحدا ؛ إذ الكلمة