الجهة الثالثة
في أنّ مفاد الأمر عبارة عن خصوص الطلب الوجوبي أو أعمّ منه؟
حكى صاحب الكفاية قدسسره (١) أدلّة عن القائلين بالأعمّ وأجابها ، والمهمّ منها :أنّ تقسيم الأمر إلى الإيجاب والاستحباب بقولهم : الأمر إمّا للوجوب وإمّا للاستحباب يدلّ على كون الموضوع له هو الأعمّ ؛ إذ لا بدّ في صحّة التقسيم من وجود المقسم في جميع الأقسام ، فكما أنّ الأمر يطلق على الطلب الوجوبي على نحو الحقيقة كذلك يطلق على الطلب الاستحبابي على نحو الحقيقة.
وجوابه : أنّ التقسيم المذكور لا يدلّ على أزيد من استعمال الأمر المقسم في المعنى الأعمّ ، وأمّا دلالته على المدّعى ـ وهو كون هذا الاستعمال على نحو الحقيقة ـ فممنوعة ؛ إذ يمكن أن يكون على سبيل المجاز ؛ لعدم الملازمة بين صحّة الاستعمال في معنى وبين كونه على نحو الحقيقة ، كما صرّح به المحقّقون في مقابل السيّد المرتضى قدسسره.
ولا يقال : إنّا نتمسّك بأصالة الحقيقة ، فإنّ هذا الأصل يجري فيما كان مراد المتكلّم مشكوكا ، وأمّا إذا كان مراده معلوما وشككنا في كيفيّة الاستعمال
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٩٢.