قول الشيخ وتلامذته في المقام فلا يمكن التمسّك بإطلاق دليل الوجوب ، فإنّه لا يجري في مورد كان التقييد مستحيلا ، كما سيأتي تفصيله ، وإن اخترنا القول الأوّل في المسألة فيمكننا التمسّك به كالشكّ في سائر الأجزاء والشرائط.
إذا عرفت هذا فلنشرع البحث بذكر أدلّة القولين
قال الشيخ الأعظم قدسسره : إنّ القيود والأوصاف الدخيلة في المأمور به على قسمين : الأوّل : ما يمكن اتّصاف المأمور به والواجب به قبل تعلّق الأمر ، مثل السورة والطهارة للصلاة ؛ إذ يمكن تحقّق الصلاة ـ مع قطع النظر عن تعلّق الأمر ـ معهما وبدونهما لا مانع من الجزئيّة والشرطيّة لهذا السنخ من القيود في مقام تعلّق الأمر. الثاني : ما لا يمكن اتّصاف المأمور به والواجب به قبل تعلّق الأمر ، مثل عنوان المأمور به والواجب والمستحبّ ؛ إذ لا يمكن إطلاقه على المركّب من الأجزاء والشرائط قبل توجّه الأمر إليه ، وقصد القربة أيضا من قبيل هذه الأوصاف ، فإنّ معناه إتيان العمل بداعي الأمر والامتثال بقصد الأمر كما هو المشهور ، ولا يمكن إتيان الصلاة المقيّدة بداعي الأمر قبل تعلّق الأمر بها ، بل هذا أمر مستحيل.
نعم ، قد يكون المراد من قصد القربة إتيان العمل بداعي كونه محبوبا للمولى ، وقد يكون بمعنى إتيان العمل بداعي المصلحة الملزمة ، وقد يكون بمعنى إتيان العمل بداعي كونه حسنا ، وقد يكون بمعنى إتيان العمل بداعي حصول التقرّب بسببه إلى المولى ، ولكن مراد الشيخ وتلامذته هو الأوّل ، وأنّهم من القائلين بالاستحالة في المقام ، مع اختلافهم في أنّ المقصود من الاستحالة الاستحالة بالذات أو الاستحالة بالغير.
وتوضيح ذلك : أنّه كما في باب الواجب قسم منه واجب الوجود بالذات