واكتفينا منها بموردين :
أحدهما : أنّ الإنسان جاهل بحقيقة ذات الواجب تعالى ، ولا يتمكّن من الإحاطة بكنه ذاته سبحانه حتّى نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله وذلك لاستحالة إحاطة الممكن بالواجب ، فإذا كان علم الإنسان بذاته تعالى مستحيلا لكان جهله بها ضروريّا ، مع أنّ التقابل بين الجهل والعلم من تقابل العدم والملكة ، فلو كانت استحالة أحدهما تستلزم استحالة الآخر لزم استحالة الجهل في مفروض المقام ، مع أنّه ضروري وجدانا.
وثانيهما : أنّ الإنسان يستحيل أن يكون قادرا على الطيران في السماء مع أنّ عجزه عنه ضروري وليس بمستحيل ، فلو كانت استحالة أحد المتقابلين بتقابل العدم والملكة تستلزم استحالة الآخر لكانت استحالة القدرة في مفروض المثال تستلزم استحالة العجز مع أنّ الأمر ليس كذلك.
وأمّا حلّا فلأنّ قابليّة المحلّ المعتبرة في التقابل المذكور لا يلزم أن تكون شخصيّة في جزئيّات مواردها ، بل يجوز أن تكون صنفيّة أو نوعيّة أو جنسيّة كما قال به الفلاسفة ، فلا يعتبر في صدق العدم المقابل للملكة على مورد أن يكون ذلك المورد بخصوصه قابلا للاتّصاف بالوجود ـ أي الملكة ـ بل كما يكفي ذلك يكفي في صدقه عليه ، أن يكون صنف هذا الفرد أو نوعه أو جنسه قابلا للاتّصاف بالوجود وإن لم يكن شخص هذا الفرد قابلا للاتّصاف به.
ويتّضح ذلك ببيان الأمثلة المتقدّمة ، فإنّ الإنسان قابل للاتّصاف بالعلم والمعرفة ، ولكن قد يستحيل اتّصافه به في خصوص لأجل خصوصيّة فيه ، وذلك كالعلم بذات الواجب تعالى حيث يستحيل اتّصاف الإنسان به ، مع أنّ صدق العدم ـ وهو الجهل ـ عليه ضروري ، ومن الطبيعي أنّ هذا ليس إلّا