بالإطلاق على فرض تماميّة مبنى صاحب الكفاية أو لعدم تماميّة مقدّمات الحكمة فتصل النوبة إلى الأصل العملي.
ونبحث هاهنا في مقامين : الأوّل : في الأصل العملي العقلي ، الثاني : في الأصل العملي الشرعي ، وقد عرفت الاختلاف في ما نحن فيه على قولين ـ أي استحالة أخذ قصد القربة في المتعلّق وجوازه ـ كاختلافهم في الأقلّ والأكثر الارتباطيّين على قولين ـ أي القول بجريان البراءة العقليّة والقول بجريان الاحتياط العقلي ـ وأمّا على القول بإمكان الأخذ في المتعلّق فلا فرق بين المقام وبين الشكّ في جزئيّة السورة ـ مثلا ـ من حيث جريان البراءة والاشتغال ، فإنّ كليهما من صغريات مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، وأمّا على القول باستحالة الأخذ في المتعلّق فلازم القول بالاشتغال في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين والشكّ في جزئيّة السورة القول بالاشتغال في ما نحن فيه بطريق أولى ؛ لأنّ العقل إذا حكم بالاشتغال في مورد الشكّ في جزئيّة السورة مع إمكان أخذها في المتعلّق فيحكم بطريق أولى في ما نحن فيه بالاشتغال بعد فرض عدم إمكان الأخذ في المتعلّق.
وإنّما الكلام فيما قلنا بأصالة البراءة في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين هل يمكننا التمسّك بها في ما نحن فيه أم لا؟ قال المحقّق الخراساني قدسسره (١) : إنّه لا مجال هاهنا إلّا لأصالة الاشتغال ، ولو قيل بأصالة البراءة فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، وذلك لأنّ الشكّ هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها ، فلا يكون العقاب مع الشكّ وعدم إحراز الخروج عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليه
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١١٣ ـ ١١٤.