المبحث السادس
وقوع الأمر عقيب الحظر
فبعد البناء على ظهور صيغة الأمر في الوجوب إذا وقع الأمر عقيب الحظر أو في مقام توهّمه ظنّا كان أو شكّا أو وهما ، هل يكون موجبا لارتفاع هذا الظهور فلا تدلّ حينئذ على الوجوب أم لا؟ والآراء في هذه المسألة مختلفة ، فنسب إلى بعض العامّة ظهورها في الوجوب كوقوعها في غير هذه الموقعيّة ، وإلى بعض تبعيّتها لما قبل النهي إن علّق الأمر بزوال علّة النهي ، كما في قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١) ، فإنّ الأمر علّق بالانسلاخ الذي هو عبارة عن انقضاء الأشهر الحرم التي هي علّة النهي ، فيفيد الوجوب الذي كان قبل الحظر ، وفي قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)(٢) يفيد الإباحة التي هي حكم الصيد قبل النهي عنه ، وأمّا إن لم يكن معلّقا بزوال علّة عروض النهي أو لم يكن معلّقا أصلا أو وقع في مقام توهّم الحظر فيفيد الوجوب.
ونسب إلى المشهور ظهورها في الإباحة في كلا الفرضين ، ولكن لا بدّ لنا
__________________
(١) التوبة : ٥.
(٢) المائدة : ٢.