النزاع في الاصول عبارة عن أنّ بعض الواجبات يكفي إيجاد فرد منه في طول العمر مثل حجّة الإسلام ، والبعض الآخر منها يلزم إيجاد أفراد المتعدّد منه ، إلّا أنّ تعدّد كلّ شيء بحسبه ، فالصلاة ـ مثلا ـ يجب فرد منها بالإضافة إلى كلّ وقت من الأوقات ، والصوم يجب إيجاد فرد منه بالإضافة إلى سنة ، وهكذا ، واختلاف الواجبات من هذه الجهة أوجب لطرح هذا البحث في الاصول ؛ بأنّ هيئة «افعل» إذا صدرت عن المولى هل يكفي الإتيان بفرد واحد من المأمور به أو يلزم الإتيان بأفراد متعدّد منه؟ فهذا يناسب مع الفرد والأفراد لا الدفعة والدفعات.
وقال المحقّق الخراساني قدسسره (١) : والتحقيق أن يكون محلّ النزاع فيهما بكلا المعنيين ، وصاحب الفصول (٢) أقام دليلا على كون المراد بالمرّة والتكرار هو الدفعة والدفعات.
وإنّا نبحث في باب الأوامر عن المسألتين المتشابهتين : إحداهما : دلالة الأمر على المرّة والتكرار وعدمها ، وثانيهما : أنّ الأوامر والنواهي تتعلّق بالطبائع والمفاهيم أو بالأفراد؟ والظاهر أنّ إحداهما ليست متفرّعة على الاخرى ، بل كلتاهما مستقلّتان في البحث.
وضابطة الاستقلال أن يكون كلّ من القائلين بأقوال مختلفة في هذه المسألة مختارا في اختيار كلّ من الأقوال في المسألة الاخرى ، فبناء على إرادة الفرد من المرّة يلزم جعل هذا البحث تتمّة للمبحث الآتي من أنّ الأمر متعلّق بالطبيعة أو الفرد ، فيقال عند ذلك : وعلى تقدير تعلّقه بالفرد هل يقتضي التعلّق
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١١٩ ـ ١٢١.
(٢) الفصول الغروية : ٧١.