وجود الطبيعة.
وثانيا : أنّ قول الفلاسفة بأنّ الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي أجنبي عن المقام ، بل هو مربوط بالحمل الأوّلي الذاتي ، وملاكه اتّحاد الموضوع والمحمول في الوجود والماهيّة ، وفي المفهوم أيضا على قول ، فالماهيّة في هذا المقام ليست إلّا ذات الماهيّة وأجزائها ـ أي الجنس والفصل ـ وكلّ ما كان خارجا عنهما كان خارجا عن الماهيّة أيضا ، فقضيّة «الإنسان موجود» بلحاظ الحمل الأوّلي قضيّة كاذبة ، كما أنّ قضيّة «الإنسان غير موجود» بهذا اللحاظ قضيّة كاذبة ، وهكذا في سائر المتناقضات ، فمعنى قولهم : الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي ، لا مطلوبة ولا غير مطلوبة ، عبارة عن أنّ المطلوب ليس تمام الماهيّة ولا جزء الماهيّة ، كما أنّ كونها غير مطلوبة ليس كذلك ، وهكذا ، فكلّ ذلك مربوط بمقام الحمل الأوّلي الذاتي.
وأمّا البحث في مسألة تعلّق الأمر بالطبائع والماهيّات فلا شكّ في أنّه مربوط بمقام الحمل الشائع الصناعي ، وملاكه اتّحاد الموضوع والمحمول في الوجود ، وأنّ الموضوع مصداق من مصاديق المحمول ، مثل : «زيد إنسان» ، فإذا قلنا : ماهيّة الصلاة مطلوبة لا يكون معناه المطلوبيّة داخلة في ماهيّة الصلاة ، بل معناه أنّ ماهيّة الصلاة تكون من مصاديقها ، كما أنّ الجسم يكون من إحدى مصاديق الأبيض ، فالبحث في أنّ الأمر متعلّق بالماهيّة كعروض البياض بالجسم وعدمه ، لا أنّ الطلب دخيل في الماهيّة ، فالدليل لا ينطبق على المدّعى ؛ إذ المدّعى عبارة عن أنّ الأمر لا يتعلّق بالطبيعة ، والدليل عبارة عن أنّ الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي ، فأصل مدّعى صاحب الكفاية صحيح ؛ بأنّ القائل بتعلّق الأوامر بالطبائع مراده وجود الطبيعة ، والقائل