بتعلّقها بالأفراد مراده الأفراد مع الخصوصيّات الفرديّة ، فالنزاع في أنّ العوارض المشخّصة داخلة في مطلوب المولى أم لا ، مع قبول كلاهما أنّ الطلب يتعلّق بوجود الطبيعة.
ولكنّ البحث هاهنا في أنّ المادّة تدلّ على نفس الماهيّة والهيئة تدلّ على البعث والتحريك ، فلا شيء آخر يدلّ على الوجود.
ونسب إلى صاحب الفصول (١) أنّه قال بأنّ الوجود جزء مفاد الهيئة ـ أي وضعت هيئة الأمر لطلب الوجود ـ فمجموع الهيئة والمادّة تدلّ على طلب وجود الماهيّة.
ولنا طريق آخر لعلّه يطابق الواقع ، وهو كما مرّ أنّ البعث والتحريك على قسمين : أحدهما : البعث والتحريك الحقيقي ، والآخر : البعث والتحريك الاعتباري. والثاني في الحقيقة قائم مقام الأوّل ، وإذا سمعنا تحقّق البعث والتحريك الحقيقي فنفهم أنّه متوجّه إلى وجود مبعوث إليه ، مع أنّ الألفاظ لا تدلّ عليه ، مثل : «زيد بعث عمرا إلى السوق» ، واستفادة الوجود من هذا منوط بالدلالة الالتزاميّة لا الوضعيّة ؛ إذ لا يمكن البعث والتحريك الحقيقي إلى غير جانب الوجود عقلا.
وهذا المعنى يجري بعينه في البعث والتحريك الاعتباري أيضا ؛ إذ كما أنّه لا معنى لاعتبار الملكيّة بدون المالك والمملوك في عالم الاعتبار كذلك لا معنى للبعث والتحريك الاعتباري بدون الوجود ، خصوصا على القول بأصالة الوجود ، واللابدّيّة العقليّة حاكمة بالملازمة بين المبعوث إليه والوجود ، بل العرف أيضا يستفيد من قول المولى لعبده : «سافر إلى طهران» أنّه بعثه إلى
__________________
(١) الفصول الغروية : ٧١.