المبحث الثامن
في الفور والتراخي
اختلف العلماء في أنّ صيغة الأمر هل تدلّ على الفور أو التراخي أو لا دلالة لها على الفور ولا على التراخي؟ لا يخفى أنّ مقصود القائل بالفور تقيّد مفاد الصيغة به وأنّ الفور واجب ، ومقصود القائل بالتراخي تقيّده به وأنّ التراخي واجب ، ومقصود القائل بعدم دلالتها عليهما عدم تقيّدها بهما وأنّهما معا جائزان كما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١) ، ويجري هاهنا جميع ما مرّ في مبحث المرّة والتكرار ، إلّا ما أشكل به الإمام قدسسره من أنّ النزاع إن كان مربوطا بالهيئة فيستحيل تعلّق البعث والتحريك مكرّرا بطبيعة واحدة تأسيسا بلا فرق زمانا ومكانا ؛ إذ لا مانع من تعلّقه بها متراخيا.
واختار عدّة من المحقّقين القول الثالث من الأقوال ، واستدلّوا عليه بالتبادر ، وأنّ ما ينسبق من الصيغة إلى الذهن عبارة عن طلب الطبيعة والماهيّة ، بلا دلالة على تقييدها بالفور أو التراخي ، وقد مرّ أنّ قيد الإيجاد أيضا ليس جزء مدلول الصيغة ، بل تدلّ اللابدّيّة العقليّة والعرفيّة بدخله فيه ، خلافا لما نسب
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٢٢.