الصلاة مع التيمّم سببا للإجزاء عن الأمر الأوّلي الاختياري ، والصلاة مع الطهارة المستصحبة ـ مثلا ـ سببا للإجزاء عنه.
هذا بالنسبة إلى المقام الثاني من البحث ، وهكذا في المقام الأوّل ؛ لأنّ الحاكم بالاستقلال بأنّ عقيب إتيان المأمور به على وجهه لا يلزم تكراره كذلك ثانيا وإن كان هو العقل ، إلّا أنّه كان في مورد الأمر والبعث والتحريك الاعتباري ، ومجرّد كون العقل حاكما لا يستلزم أن يكون للموضوع والمحمول واقعيّة تكوينيّة ، كما أنّ نفس الإطاعة والعصيان أمران اعتباريّان مع أنّ الحاكم بهما هو العقل ، فليست العلّيّة في المقام الأوّل أيضا بمعنى العلّيّة الفلسفيّة ، فيكون الاقتضاء بمعنى العلّيّة في عنوان البحث في مقابل الاقتضاء بمعنى الدلالة والكشف ، وهو غير الاقتضاء بالمعنى الفلسفي ، فالحقّ مع صاحب الكفاية ، والإشكال غير وارد عليه.
ومنها : كلمة «الإجزاء» : والظاهر أنّ الإجزاء هاهنا بمعناه اللغوي والعرفي وهو الكفاية ، ولا يكون له اصطلاح خاصّ عند الاصوليّين والفقهاء ، كما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١) ، وإن كان يختلف ما يكفي عنه ، ولكنّه لا يوجب اختلافا في معنى الإجزاء ، فإنّ إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري ـ أي الصلاة مع التيمّم ـ معناه الإجزاء عن الصلاة مع الوضوء ، وإجزاء المأمور به بالأمر الظاهري ـ أي الصلاة مع الوضوء الاستصحابي ـ معناه الإجزاء عن الصلاة مع الوضوء الواقعي ، إلّا أنّ اختلاف ما يجزي عنه لا يوجب الاختلاف في معنى الإجزاء لغة ، واستعماله هاهنا في معنى آخر.
ويشهد لذلك أنّه لو استعملت كلمة «الكفاية» عوض كلمة «الإجزاء»
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٢٥ ـ ١٢٦.