عن الغرض تحقّق الأمر من ناحيته وبين أن يكون الكاشف عنه سائر الطرق والأمارات ، مثلا : إذا كان ابن المولى في معرض الغرق في الماء يجب على العبد نجاته عقلا وإن كان المولى غائبا ولم يصدر عنه أمر أصلا ؛ لأنّه يعلم خارجا أنّ غرضه تعلّق بنجاة ابنه ، فالملاك في كلتا الصورتين واحد ، وإن يتحقّق العلم بالغرض كثيرا ما عن طريق الأوامر ، إلّا أنّه لا موضوعيّة للأمر ، بل هو كاشف عن الغرض.
وإذا لاحظت هذه المقدّمة فلنرجع إلى المثالين المذكورين في كلام صاحب الكفاية قدسسره ونقول : أمّا في المثال الأوّل فلا شكّ في أنّه يجب على العبد تمكّن المولى من الماء ثانيا ، ولكنّه لا يكشف عن بقاء الأمر بحاله ، بل هو دليل على عدم تحقّق غرض المولى ؛ إذ يتحقّق ما هو مربوط بفعل العبد وغرض الأمر بعد تمكّنه من الماء أوّلا فلا محالة يسقط الأمر.
وأمّا تحقّق غرضه الأقصى ـ كرفع العطش ـ فيتوقّف على مقدّمة مربوطة بفعل نفس المولى ، ولكنّ العبد بعد العلم بعدم تحقّق غرض المولى يمكّنه من الماء ثانيا بحكم العقل ، فلا يصحّ التعبير بعد سقوط الأمر بانضمام الامتثال أو تبديل الامتثال كما ذكرناه.
وأمّا المثال الثاني ونظيره حكم الفقهاء باستحباب تكرار صلاة الآيات ما دام سببها من الكسوف أو الخسوف باقيا.
فجوابه : أوّلا : أنّ وجود عدّة من الروايات الصحيحة والفتاوى لا يوجب رفع اليد عن الحكم العقلي البديهي.
توضيح ذلك : أنّ البرهان العقلي البديهي القطعي إذا تعارض مع الدليل التعبّدي الشرعي من الرواية أو ظاهر الكتاب كقوله تعالى : (جاءَ رَبُّكَ