وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(١) ، ويستفاد من ظاهره التجسّم ، وقام في مقابله البرهان العقلي القطعي بأنّه تعالى شأنه عن ذلك ، فلا بدّ لنا في مثل ذلك في بادئ الأمر من توجيه الظاهر كما فعل هاهنا أهل الأدب والنحويّون ؛ بأنّ تقدير الآية : (جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ...) وإن لم يمكن لنا التوجيه اللفظي فيقدّم البرهان العقلي ، وتحمل الآية على المشابهات القرآنيّة ، وبناء على ذلك لا يوجب تحقّق الموردين المذكورين في الشريعة رفع اليد عن البرهان العقلي البديهي.
وأمّا الروايات التي أشار إليها صاحب الكفاية قدسسره بعد اشتراك الجميع في الحكم باستحباب الإعادة فقال عليهالسلام في الصحيحة : «يجعلها الفريضة» (٢) ، أي الصلاة التي أعادها ثانيا يجعلها الفريضة. وفي صحيحة اخرى : «يجعلها الفريضة إن شاء» (٣). وفي ثالثة : «إنّ الله يختار أحبّهما إليه» ، فلا بدّ لنا من جواب كلّ منها على حدة.
فنقول في مقام الجواب عن أصل مسألة استحباب الإعادة : أوّلا : أنّ مورد هذا الحكم هو ما إذا كان المصلّي في أثناء صلاة ظهره أو أتمّ صلاة ظهره فرادى ثمّ وجدت جماعة ، فيتمّها ظهرا ثمّ يعيدها جماعة في الصورة الاولى بعنوان الاستحباب ، وهكذا يستحبّ له الإعادة جماعة في الصورة الثانية كما قال به المشهور.
ويمكن أن يكون مورده ما إذا كان المصلّي في أثناء صلاة ظهره ثمّ وجدت جماعة ، فليجعلها نافلة فيتمّها بعد الركعتين ، ويجوز قطعها ثمّ يصلّيها جماعة ، وليس ذلك لمن فرغ من صلاته بنيّة الواجب ؛ لأنّ من صلّى الواجب بنيّة
__________________
(١) الفجر : ٢٢.
(٢) الوسائل ٨ : ٤٠٣ ، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ١١.
(٣) المصدر السابق : ٤٠١ ، الحديث ١.