الكشف التامّ ـ أي القطع ـ فنفهم بعد كشف خلاف ما اتّصف بالكاشفيّة الناقصة أيضا أنّه كان فاقدا لوصف الطريقيّة والكاشفيّة ، فلم يكن من أوّل الأمر حجّة ، فمع أنّ المركّب ينتفي بانتفاء بعض أجزائه لا معنى للإجزاء ، إلّا أنّه لا يستحقّ المكلّف العقاب ؛ لتوهّمه أنّه طريق إلى الواقع ، فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري إذا كان مفاد الأمارة لا يكون مجزيا عن الأمر الواقعي.
في الاصول العمليّة
ويبقى الكلام في الاصول العمليّة ، منها : أصالة الطهارة التي لا شكّ في اعتبارها ، وهي كما تجري في الشبهات الموضوعيّة ـ كالشكّ في طهارة الثوب ونجاسته ـ كذلك تجري في الشبهات الحكميّة كالشكّ في طهارة الحيوان المتولّد من الكلب والغنم ـ مثلا ـ ونجاسته ، ولا يخفى أنّ جريان الاصول العمليّة في الشبهات الحكميّة مطلقا مشروط بالفحص واليأس عن الدليل ، بخلاف الشبهات الموضوعيّة كما يدلّ الإجماع ورواية زرارة على عدم لزوم الفحص فيها.
وتستفاد هذه القاعدة من قوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (١) ، وأمثال ذلك.
وقال المحقّق الخراساني قدسسره في ضمن أدلّة الاستصحاب : إنّ المراد من الطهارة في هذه الروايات الطهارة الواقعيّة ، فيكون هذا الحكم حكما كلّيّا بالنسبة إلى جميع الأشياء ، ولكنّه ربما يخصّص بتخصيص واحد أو متعدّد مثل الأعيان
__________________
(١) انظر : المستدرك ٢ : ٥٨٢ ، الباب ٣٠ من أبواب النجاسات والأواني.