التعدّد المتحقّق في الواجب التعييني.
تذنيب :
هل يمكن التخيير بين الأقلّ والأكثر إذا كان الأقلّ لا بشرط بالنسبة إلى الزيادة أو لا؟ ربما يقال : بأنّه مستحيل ، فإنّ الأقلّ إذا وجد كان هو الواجب لا محالة ولو كان في ضمن الأكثر ؛ لحصول الغرض به ، وكان الزائد عليه من أجزاء الأكثر زائدا على الواجب ، بلا فرق بين كون الأقلّ والأكثر تدريجيّ الوجود ـ مثل التسبيحات الأربعة ـ أو دفعيّ الوجود كالخط الطويل المتحقّق دفعة.
هذا ، ولكن لا بدّ لنا من ملاحظة كلّ واحد من القسمين مستقلّا ، ونبحث أوّلا في تدريجيّ الوجود ، فكان لصاحب الكفاية قدسسره (١) جوابا عنه ، وحاصله : أنّ الأقلّ يكون محصّلا للغرض إذا لم يوجد في ضمن الأكثر ، وإلّا يكون المحصّل للغرض هو الأكثر ، فإن اقتصر في التسبيحات بمرّة واحدة كان كافيا وإلّا يكون المؤثّر في الغرض هو مجموعتها.
والجواب الآخر عنه لاستاذنا المرحوم السيّد البروجردي قدسسره (٢) وهو : أنّ الكلّي المشكّك لا ينحصر فيما إذا كان التفاوت بين الأفراد بالشدّة والضعف أو النقص والكمال ، بل يشمل لما يكون التفاوت بينها بالقلّة والكثرة ، فكلّي الخطّ يشمل الخطّ القصير والطويل معا ، وحينئذ إذا شرع المكلّف برسم الخطّ فلا يصحّ الحكم بأنّه أوجد فردا قصيرا منه قبل رفع يده وتوقّفه عنه.
نعم ، إن لم يستمرّ برسمه يتحقّق الأقلّ ويحصل غرض المولى ويسقط
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٢) لمحات الاصول : ١٨٨.