خاصّا ، والمقصود بالإفهام عامّا بحيث يشمل جميع المؤمنين إلى يوم القيامة ، والنسبة بين هذين العنوانين عموم من وجه لا التساوي ، مع أنّ الرواة كانوا يتعلّمون الأحكام لا لعمل أنفسهم وابتلائهم بها فقط ، بل الغرض انتقالها إلى الآخرين لينشروا أحكام الإسلام وحفظها للحوزات الشيعيّة والمجامع العلميّة في عصر الغيبة ، فلا مجال لتوهّم حجّية ظواهر الكتاب والروايات من طريق الظنّ المطلق وجدانا وإنصافا ، ولا فرق بين آية الصوم وآية الحجّ في العموميّة عند العقلاء.
القول الخامس : التفصيل بين ظواهر الكتاب وظواهر الروايات بحجّية الثاني دون الأوّل ، هذا هو مختار أصحابنا الأخباريّين.
ونذكر أوّلا أدلّة حجّية ظواهر الكتاب ، ثمّ الجواب عن شبهات الأخباريّين.
وتستفاد حجّية ظواهر الكتاب من وجوه متعدّدة بعد ملاحظة عدم اتّخاذ الشارع طريقا خاصّا للتفهيم والتفهّم سوى الطريق المتداول بين العقلاء في محاوراتهم من الأخذ بظواهر الكلام :
الأوّل : أنّ الغرض من نزول القرآن تفهيم الناس معانيه والعمل به كي ينالوا السعادة الدنيويّة والاخرويّة ، وينجوا من الهلكة الأبديّة ، فإنّ القرآن هو : (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(١) ، و (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(٢) ، و (وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)(٣) ، ولا يخفى أنّ ظواهر الكتاب من محكماته لا متشابهاته ، فلا محالة تكون ظواهر الكتاب حجّة ، وإلّا كيف
__________________
(١) النحل : ٨٩.
(٢) إبراهيم : ١.
(٣) المائدة : ٤٦.