يكون كتاب الهداية والموعظة والمخرج إلى النور؟!
الوجه الثاني : أنّ القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لرسول الله صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة ، وقد تحدّى جميع البشر من الأوّلين والآخرين على أن يأتوا بمثله ، فقال سبحانه وتعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(١) ونحو ذلك ، ومعلوم أنّ التحدّي وتحريك المخالفين بالإتيان بمثل القرآن دليل على حجّية ظواهر الكتاب ، فإنّ الإتيان بمثله متوقّف على فهم القرآن والالتفات إلى مفاهيمه ، ولو لم تفهم مقاصد القرآن من ألفاظه وكان من قبيل الرموز والألغاز التي لا تفهم ولا تعرف فلا مجال للتحدّي.
الوجه الثالث : المتواتر عند الخاصّة والعامّة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (٢) ، ومعلوم أنّ معنى التمسّك بكتاب الله ليس مجرّد الاعتقاد بأنّه نازل من عند الله تعالى ، وأنّه معجزة خالدة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل معنى التمسّك به الموجب لعدم تحقّق الضلالة هو الأخذ به ، والعمل بما فيه ، وجعله إماما في جميع شئون الحياة ، وهذا كلّه لا يجتمع مع عدم حجّية ظواهر الكتاب.
الوجه الرابع : الروايات الكثيرة الدالّة على عرض الأخبار الواصلة إلينا على الكتاب وطرح ما خالف منها ، كقوله عليهالسلام : «ما خالف قول ربّنا لم نقله» (٣) ، ومعلوم أنّ تعيين المخالف عن غيره وتمييزه عمّا سواه قد اوكل إلى فهم العرف ،
__________________
(١) الإسراء : ٨٨.
(٢) الوسائل ٢٧ : ٣٣ ـ ٣٤ ، الباب ٥ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.
(٣) انظر : الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.