فإنّهم هم المرجع في تشخيص ذلك ، وعليه فلا محيص من حجّية ظواهر الكتاب ، وإلّا كيف يمكن للعرف تشخيص المخالف عن غيره؟!
ولا يخفى أنّ هذه الضابطة تختصّ بالموارد المشكوكة ، وإلّا فبعد إثبات صدور الرواية عن المعصوم عليهالسلام ولو بواسطة خبر الواحد لا بدّ من الأخذ بها وإن كانت مخالفة لظاهر الكتاب.
الوجه الخامس : الأخبار الواردة في ردّ الشروط المخالفة للكتاب ، منها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : «من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله فلا يجوز له ، ولا يجوز على الذي اشترط عليه ، والمسلمون عند شروطهم ممّا وافق كتاب الله عزوجل» (١).
والمرجع في تشخيص الشرط المخالف هو العرف ، وهو لا يقدر على ذلك إلّا بعد الرجوع إلى الكتاب وفهم مقاصده من ظواهره.
الوجه السادس : الروايات التي تدلّ بوضوح على أنّ الأئمّة عليهمالسلام أرجعوا الرواة إلى القرآن الكريم ، منها : ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت لأبي جعفر : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فأجاب عليهالسلام : «لمكان الباء في قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(٢)» (٣).
ومن المعلوم أنّ السؤال كان لأجل عدم الالتفات إلى وجود الباء ، لا لأجل عدم ظهور الباء في التبعيض عند السائل ، وإلّا لما صحّ الاقتصار في مقام الجواب بقوله عليهالسلام : «لمكان الباء» من دون التنبيه على ظهورها في التبعيض.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١٦ ، الباب ٦ من أبواب الخيار ، الحديث ١.
(٢) المائدة : ٦.
(٣) الوسائل ١ : ٤١٢ ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.