أدلّة القائلين بعدم حجّية ظواهر الكتاب :
لا يخفى أنّ بعض هذه الأدلّة ناظر إلى منع الصغرى ، يعني إنكار أصل الظهور للكتاب ، وبعضها الآخر ناظر إلى منع الكبرى ، يعني إنكار حجّية ظواهر الكتاب.
الدليل الأوّل : أنّ الأخذ بظاهر الكتاب من التفسير بالرأي ، وقد نهت الروايات الكثيرة عن تفسير القرآن بالرأي ، كقوله عليهالسلام : «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار» (١).
وهو ظاهر في أنّ حمل ألفاظ القرآن على مصاديقها الظاهرة تفسير بالرأي ، ومعلوم أنّ ظاهر الروايات حجّة ، وإن كان المصداق المتيقّن للتفسير بالرأي هو تفسير متشابهات القرآن ومجملاته.
وجوابه : أوّلا : أنّ التفسير بحسب اللغة والعرف هو كشف القناع وإظهار أمر مستور ، فلا يكون منه حمل اللفظ على ظاهره ؛ لأنّه ليس بمستور حتّى يكشف.
وثانيا : سلّمنا أنّ حمل اللفظ على ظاهره من التفسير إلّا أنّه ليس من التفسير بالرأي حتّى يكون مشمولا للروايات الناهية ، وإنّما هو تفسير بما يفهمه العرف من اللفظ.
وثالثا : لو سلّم شمول الروايات الناهية بإطلاقها لحمل اللفظ على ظاهره لكونه من التفسير بالرأي ، إلّا أنّه لا محيص عن حمل الأخبار الناهية على غير الظواهر ، واختصاصها بالموارد المتيقّنة من التفسير بالرأي ، وذلك لما هو مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار المتقدّمة التي يستفاد منها حجّية ظواهر
__________________
(١) عوالي اللئالي ١ : ٤٣٤.