وقال المحقّق النائيني قدسسره (١) في مقام الدفاع عنه : إنّ بيانه قدسسره هنا بيان تمهيدي ولتوجيه الأذهان إلى التقسيم إجمالا ، وبيان المسائل بالتفصيل في محلّه ، ولا تكون للعناوين المذكورة خصوصيّة عنده.
ولكنّه ليس بتامّ ؛ إذ التقسيم في أوّل الكتاب يكون بمنزلة الأساس للبحث ، ولا بدّ من ملاحظة جميع خصوصيّاته.
ولا يخفى أنّ الملتفت إليه في كلام الشيخ قدسسره هو الحكم الواقعي وإن لم يقيّده به ولكن يتحقّق في العبارة ما هو شاهد عليه ، وهو أنّ مجرى الاصول العمليّة هو الشكّ في الحكم الواقعي ، فإنّ بعد جريانها واستفادة الحكم الظاهري منها لا يبقى شكّ في البين ، ومعلوم أنّ الحكم الواقعي هو الذي يصلح لتعلّق الشكّ به بخلاف الحكم الظاهري.
ولكنّ الملتفت إليه عند صاحب الكفاية قدسسره أعمّ من الحكم الواقعي والظاهري ، ولذا عدل من التقسيم الثلاثي إلى الثنائي ، وقال : إنّ البالغ الذي وضع عليه قلم التكليف إذا التفت إلى حكم شرعي ـ سواء كان واقعيّا أم ظاهريّا ـ فإمّا أن يحصل له القطع بذلك الحكم أو لا ، ويدخل الحكم المستفاد من الأمارات والاصول الشرعيّة حتّى الظنّ الانسدادي على القول بالكشف في الحكم الذي يقطع به ، وإن لم يحصل له القطع به فلا بدّ من انتهائه إلى ما استقلّ به العقل من اتّباع الظنّ لو حصل له ، وقد تمّت مقدّمات الانسداد على تقدير الحكومة ، وإلّا فالرجوع إلى الاصول العقليّة من البراءة والاشتغال والتخيير على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٤.