وأشكل عليه الإمام قدسسره (١) : أوّلا بأنّ خروج الظنّ الانسدادي على الحكومة عن دائرة القطع ليس بتامّ ؛ إذ لو كان مراده من القطع العلم التفصيلي فلا يبقى مجال للبحث عن العلم الإجمالي في مبحث القطع ، وإن كان مراده منه الأعمّ من العلم التفصيلي والإجمالي فلا يصحّ عدّ الظنّ الانسدادي من القسم الثاني ، فإنّ أساس دليل الانسداد هو العلم الإجمالي.
وثانيا : أنّ الأولى من كلامه جعل الملتفت إليه عنوان الوظيفة حتّى لا يبقى مجال للتقسيم ؛ إذ المجتهد قاطع بالوظيفة دائما حتّى في مورد جريان الاصول العقليّة كالبراءة والتخيير.
ويرد عليه إشكال آخر ، هو : أنّه يستفاد من كلامه قدسسره في بحث الظنون الخاصّة أنّ الشارع في باب الأمارات لا يعمل عملا سوى جعل الحجّيّة لها بمعنى المنجّزيّة والمعذّريّة ، ولا يكون فيها من جعل الحكم الظاهري أثر ولا خبر ، إلّا في مورد جريان أصالة الطهارة والحلّيّة والاستصحاب على القول بجعل الحكم المماثل ، وفي مورد أصالة البراءة لا يكون سوى رفع الحكم حسب حديث الرفع ، فكيف يمكن أن يكون الملتفت إليه أعمّ من الحكم الواقعي والظاهري؟!
ثمّ قال صاحب الكفاية قدسسره (٢) : وإن أبيت التقسيم إلّا عن كونه ثلاثيّا ، فالأولى أن يقال : إنّ المكلّف إمّا أن يحصل له القطع أو لا ، وعلى الثاني إمّا أن يقوم عنده طريق معتبر أو لا ؛ لئلّا يتداخل الأقسام فيما يذكر لها من الأحكام ، ومرجعه على الأخير إلى القواعد المقرّرة عقلا أو نقلا لغير القاطع ومن يقوم
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٧.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٥.