عليه ، كما أنّه لا يتحقّق في التقسيمات مثل : الحيوان إمّا ناطق وإمّا غير ناطق ، والإنسان إمّا أبيض وإمّا أسود ، ونحو ذلك ، فنقول : المكلّف إمّا يحصل له القطع بالحكم ، وإمّا يقوم عنده طريق معتبر ، وإمّا يكون مرجعه الاصول العمليّة عند الشكّ في الحكم ، وهذا التقسيم خال من الإشكال ، كما ذكره المحقّق الحائري قدسسره إجمالا.
إذا عرفت ذلك فلنشرع في أحكام القطع وأقسامه ومسائله ، قال الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) : «لا إشكال في وجوب متابعة القطع والعمل عليه ما دام موجودا ؛ لأنّه بنفسه طريق إلى الواقع ، وليس طريقيّته قابلة لجعل الشارع إثباتا أو نفيا».
ولا بدّ قبل الخوض في البحث من ملاحظة العناوين المربوطة بالمسألة مثل : عنوان وجوب متابعة القطع ، وعنوان حجّيّته بمعنى المنجّزيّة عند إصابة الواقع ، والمعذّريّة عند عدم إصابة الواقع ، وعنوان طريقيّته وكاشفيّته ، من حيث كونهما ذاتيّتين له أو مجعولتين.
والظاهر من وجوب المتابعة في كلام الشيخ قدسسره هو الوجوب واللزوم الشرعي ، ولا بدّ هنا من التأمّل والدقّة ، بأنّ القطع من صفات ذات الإضافة وقائم بنفس الإنسان ، كما أنّ الشكّ والظنّ يكون كذلك ، ومعلوم أنّ مراد الشيخ قدسسره ليس لزوم متابعة القطع من حيث إنّه صفة نفسانيّة وقائم بالنفس ، بل مراده أنّ متعلّق القطع لازم المتابعة ، فالقاطع بوجوب صلاة الجمعة يلزمه إتيانها في الخارج ، كما هو الظاهر من كلامه ، وعلى هذا لا يصحّ أن يكون المراد من لزوم المتابعة اللزوم الشرعي ؛ إذ لا يتحقّق هنا حكمان وجوبيّان حتّى
__________________
(١) الرسائل : ٢.