أو مقيّدة بعدم صدوره واقعا ، فمع الشكّ في حصول الغاية أو القيد لا يصحّ ترتيب آثار الإباحة ، بل لا بدّ في ترتيبها من إحراز عدم صدور النهي ، والمفروض أنّ عدم صدوره غير محرز وجدانا ؛ إذ البحث في شيء شكّ في حلّيته وحرمته ، فلا بدّ من إحرازه تعبّدا بأصالة عدم صدور النهي حتّى تثبت الإباحة فعلا للموضوع المشكوك حكمه الواقعي.
ثمّ إن كان الغرض من إجراء الأصل مجرّد نفي الحرمة ظاهرا فلا مانع منه ، إلّا أنّه ليس من الاستدلال بالحديث بل بالأصل.
وإن كان الغرض منه التعبّد بالإباحة الشرعيّة فحينئذ يكون استدلالا بالحديث ، إلّا أنّه لا يجري الاستصحاب لإثبات الإباحة الشرعيّة ، وذلك لعدم إمكان إرادة الإباحة الواقعيّة أو الظاهريّة من الحديث ؛ لما عرفت في الصورة الاولى والأمر الأوّل من الصورة الثانية ، وأمّا استصحاب الإباحة بمعنى اللاحرجيّة العقليّة فغير جار أيضا ؛ لعدم كونها حكما شرعيّا ولا موضوعا لحكم شرعي (١).
وفيه : أوّلا : أنّا نختار أنّ الغرض من إجراء الأصل التعبّد بالإباحة الشرعيّة ، وقد عرفت إمكان إرادة الإباحة الواقعيّة من الحديث في الصورة الاولى ، وأمّا عدم إمكان إرادة الإباحة الظاهريّة فهو مصادرة واضحة ؛ إذ الظاهر من كلامه أنّ الأمر الثاني دليلا مستقلّا مع غضّ النظر عن الأمر الأوّل ، ومن المعلوم أنّ الأمر الثاني لا يدلّ على عدم إمكان إرادة الإباحة الظاهريّة ، وإنّما الأمر الأوّل هو الذي دلّ على ذلك ، وقد عرفت جوابه.
وثانيا : أنّ استصحاب عدم ورود النهي لإثبات الإباحة من الاصول
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨.