بوجود التكليف في البين هو لزوم الإتيان بالأكثر ؛ تحصيلا للبراءة اليقينيّة (١). انتهى.
ويرد عليه ما أجبنا به عن الإشكال الأوّل من أنّ المركّب من الأقلّ لا يكون له صورة مغايرة للمركّب من الأكثر ؛ لأنّ التركيب الاعتباري ليس إلّا ملاحظة أشياء متعدّدة شيئا واحدا ، بحيث تكون الأجزاء فانية غير ملحوظة بنفسها ، ولا يكون هنا صورة اخرى ما عدا الأجزاء حتّى يقال بأنّها مغايرة للصورة الحاصلة من المركّب من الأكثر.
وبالجملة ، فليس هنا إلّا نفس الأجزاء التي دار أمرها بين القلّة والكثرة ، وحينئذ فيظهر أنّ تعلّق الوجوب بالأقلّ معلوم تفصيلا ؛ لما عرفت من أنّ الأمر المتعلّق بالمركّب يدعو إلى أجزائه بعين دعوته إلى المركّب ، وحينئذ فلو كان الأكثر متعلّقا للتكليف يكون الأقلّ أيضا واجبا ، بمعنى أنّ الأمر يدعو إليه ، كما أنّه لو كان الأقلّ كذلك يكون واجبا حينئذ ، فوجوب الأقلّ معلوم تفصيلا ، والشكّ بالنسبة إلى الزائد شكّ بدوي تجري فيه البراءة ، كما عرفت.
الإشكال السادس : ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية من أنّ الانحلال مستلزم للخلف أو المحال الذي هو عبارة عن استلزام وجود الشيء لعدمه (٢).
أمّا الخلف فلأنّه يتوقّف لزوم الأقلّ فعلا إمّا لنفسه أو لغيره على تنجّز التكليف مطلقا ولو كان متعلّقا بالأكثر ؛ ضرورة أنّه لو لم يتنجّز على تقدير تعلّقه به لم يكن الأقلّ واجبا بالوجوب الغيرى ؛ لأنّه تابع لوجوب ذي المقدّمة ، ومع عدمه لا مجال له ، كما أنّه لو لم يتنجّز على تقدير تعلّقه بالأقلّ
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٤١.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٢٢٨.