لم يكن واجبا بالوجوب النفسي ، فوجوبه الأعمّ من النفسي والغيري يتوقّف على تنجّز التكليف على أيّ تقدير ، فلو كان لزومه كذلك موجبا لعدم تنجّز التكليف إلّا على تقدير تعلّقه بالأقلّ يلزم الخلف.
وأمّا استلزام وجوده للعدم فلأنّ لزوم الأقلّ على الفرض يستلزم عدم تنجّز التكليف على كلّ حال ، وهو يستلزم لعدم لزوم الأقلّ مطلقا ، وهو يستلزم عدم الانحلال ، فلزم من وجود الانحلال عدمه ، وما يلزم من وجوده عدمه فهو محال.
هذا ، ويمكن هنا تقريب ثالث يضاف إلى التقريبين المذكورين في كلام المحقّق الخراساني رحمهالله وهو : أنّ العلم التفصيلي لو تولّد من العلم الإجمالي بحيث كان معلولا له ومسبّبا عنه لا يعقل أن يوجب انحلال ذاك العلم الإجمالي ، وهل يمكن أن يؤثّر المعلول في عدم علّته؟
والمقام من هذا القبيل ؛ فإنّ العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ إمّا لنفسه أو لغيره إنّما نشأ من العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو الأكثر ، كما هو واضح ، نظير ما إذا تردّد أمر الوضوء ـ مثلا ـ بين كون وجوبه نفسيّا أو غيريّا ناشئا من الوجوب المتعلّق بما يكون الوضوء مقدّمة له ، ولكن كان وجوب ذي المقدّمة مشكوكا ، فإنّه لا يعقل أن يصير العلم التفصيلي بوجوب الوضوء على أيّ تقدير موجبا لانحلال العلم الإجمالي بوجوب الوضوء نفسيا أو بوجوب ما يكون هو مقدّمة له ؛ لأنّ مع الانحلال وإجراء البراءة بالنسبة إلى وجوب ذي المقدّمة لا يكون العلم التفصيلي باقيا على حاله ، فالعلم التفصيلي المسبّب عن العلم الإجمالي يستحيل أن يؤثّر في انحلاله.
هذا ، ولكنّ هذه التقريبات الثلاثة إنّما تتمّ بناء على مبنى فاسد ، وهو القول