بكون الأجزاء في المركّبات واجبة بالوجوب الغيري كالمقدّمات الخارجيّة ، ونحن وإن أنكرنا وجوب المقدّمة والملازمة بينها وبين وجوب ذيها رأسا ـ كما مرّ تحقيقه في مبحث مقدّمة الواجب من مباحث الألفاظ ـ إلّا أنّه لو سلّمنا ذلك في المقدّمات الخارجيّة فلا نسلّمه في المقدّمات الداخليّة أصلا ، بل قد عرفت أنّ الأجزاء واجبة بعين وجوب الكلّ ، والأمر المتعلّق به يدعو إليها بعين دعوته إليه ؛ إذ لا مغايرة بينها وبينه أصلا ؛ لأنّ المركّب ليس أمرا وراءها ، بل هو نفسها ، وحينئذ فالأقلّ واجب بالوجوب النفسي تفصيلا ، ولا يكون هذا العلم التفصيلي مسبّبا عن العلم الإجمالي ، فلا مانع من التأثير في الانحلال ، بل قد عرفت أنّه ليس هنا إلّا علم تفصيلى وشكّ بدوي ، كما لا يخفى.
الإشكال السابع : ما أورده نفس الشيخ المحقّق الأنصاري في الرسائل (١) بقوله : «إن قلت» ، وتقريره : أنّ الأوامر والنواهي الشرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد النفس الأمريّة ، كما اشتهر ذلك بين العدليّة ، حيث يقولون : إنّ الواجبات الشرعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقليّة ، فاللطف والمصلحة النفس الأمريّة إمّا هو المأمور به حقيقة ، والأوامر المتعلّقة بمثل الصلاة والصوم ونظائرهما أوامر إرشاديّة والغرض منها الإرشاد إلى عدم حصول المأمور به حقيقة إلّا بمثلها ، وإمّا أنّه غرض للآمر ، وعلى كلا التقديرين فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف لعدم العلم بإتيان المأمور به على الأوّل ، وبحصول الغرض على الثاني مع الاقتصار على الأقلّ في مقام الامتثال ، ومن الواضح عند العقول لزوم العلم باتيان المأمور به وبحصول الغرض ، أمّا الأوّل فبديهي ، وأمّا الثاني فلأنّ الغرض إنّما هو العلّة والداعي للأمر ، ومع الشكّ في
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٦١.