لا إشكال في أنّ اليقين بحسب الملاحظة الاولى لا يكون ممتازا عن الظنّ والشكّ بالإبرام والاستحكام وعدمهما ، بل الإبرام والاستحكام ـ بحسب هذه الملاحظة ـ إنّما يكون في كيفيّة قيامها بالنفس بحسب مبادئها المحصّلة لها فيها ، فقد تكون مبادئ حصول الشكّ قويّة ؛ بحيث لا تزول بسهولة ، وتكون مبادئ حصول القطع واليقين ضعيفة بحيث تزول بتشكيك ما ، وقد يكون الحال بخلاف ذلك.
وبالجملة ، سهولة زوال تلك الأوصاف عن النفس وعسر زوالها تابعان لمبادئ حصولها ، فلا يكون اليقين في هذه الملاحظة أبرم من الشكّ ، ولا الظنّ أبرم منه.
وأمّا بحسب الملاحظة الثانية ـ أي إضافتها إلى الخارج ـ فاليقين مبرم محكم ذاتا دون الشكّ والظنّ ، فكأنّ اليقين حبل مشدود أحد طرفيه على النفس ، وطرفه الآخر على المتيقّن ، ويكون حبلا مبرما مفتولا مستحكما ، وإن كانت مبادئ حصوله ضعيفة غير مستحكمة ، بخلاف الظنّ والشكّ ، فإنّهما بحسب هذه الإضافة غير محكمين ولا مبرمين وإن كانت مبادئ حصولهما قويّة مستحكمة ، وهذا الاستحكام والإبرام لا يرتبط بالمتيقّن ، بل من مقتضيات ذات اليقين ، سواء تعلّق بأمر مبرم قابل للاستمرار والبقاء أو غيره.
وإسناد عدم النقض إلى اليقين يكون بهذا اللحاظ في قوله : «لا ينقض اليقين بالشكّ» بدون فرق بين الشكّ في الرافع والشكّ في المقتضي ، لا باعتبار كون متعلّقه مبرما أو الجري العملي على وفقه.
بقي هنا أمر ، وهو : أنّ من المعلوم وحدة متعلّق اليقين والشكّ في الاستصحاب ، ويمكن أن يتوهّم أنّ هذا الأمر كيف يتصوّر في الاستصحاب