ومتأخّر عنه ، لا أنّه واقع في عرضه ، ومعلوم أنّ الحكم والموضوع متغايران من حيث الرتبة ولا يمكن جعلهما في رتبة واحدة.
والتحقيق في الرواية ـ بعد ملاحظة المعاني والاحتمالات ـ : أنّه لا تقيّة فيها أصلا ، والشاهد عليه : أوّلا : بيان الإمام عليهالسلام ـ بعد الجواب عن سؤال زرارة ـ فرعا آخر من قبل نفسه بقوله : «وإذا لم يدر في ثلاث أو في أربع وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها اخرى» ، وهذا لا يناسب مقام التّقية.
وثانيا : أنّ قوله : «قام فأضاف إليها اخرى» ليس بمعنى القيام من القعود ؛ إذ يمكن أن يتحقّق الشكّ بين الثلاث والأربع في حال القيام ، بل بمعنى الابتداء في العمل الجديد بعد الفراغ عن العمل السابق ، فهذا شاهد على الإتيان بالركعة منفصلة.
ثمّ إنّ قوله : «ولا ينقض اليقين بالشكّ ، ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر» تعبيرات مختلفة بالنسبة إلى الاستصحاب ، وتوهّم ارتباط قوله : «لا يدخل» وقوله «لا يخلط» بغير الاستصحاب لا يناسب قوله : «ولكنّه ينقض الشكّ باليقين» ؛ لبداهة ارتباطه بالاستصحاب ، ولا معنى لذكر الجملتين الغير المرتبطين بين ما يرتبط به.
فالحاصل : أنّ هذه الجملات وما في قوله : «ويتمّ على اليقين فيبني عليه ، ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات» مربوط بالاستصحاب بلا اختلاف فيها ، فلا شبهة في دلالة الرواية على الاستصحاب.
ومنها : موثّقة إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليهالسلام قال : «إذا شككت فابن على اليقين». قلت : هذا أصل؟
قال : «نعم» (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ : ٣١٨ ، الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٢.