تقدّم زمان اليقين على الشكّ ، وهذا يتحقّق في قاعدة اليقين دون الاستصحاب ، ولكنّه مذيّل بقوله : «فليمض على يقينه» ، ومعلّل بقوله : «فإنّ الشكّ لا ينقض اليقين» ، والحكم يدور مدار التعليل ، والظاهر منه فعليّة اليقين والشكّ في آن واحد ، فكأنّه قال : «لا ينقض بالشكّ الفعلي اليقين الفعلي» ، وهذا الكلام ظاهر في الاستصحاب لا الشكّ الساري ، وظهور التعليل مقدّم على ظهور صدر الرواية ، فلا مانع من دلالتها على الاستصحاب.
ولكنّ الرواية ضعيفة غير قابلة للاستدلال بها ؛ لكون قاسم بن يحيى في سندها ، ولم يوثّقه الرجاليّون ، بل ضعّفه العلّامة.
ومنها : مكاتبة عليّ بن محمّد القاساني ، قال : كتبت إليه وأنا بالمدينة عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان ، هل يصام أم لا؟ فكتب : «اليقين لا يدخله الشكّ ، صم للرؤية وأفطر للرؤية» (١).
ويرد عليها : أوّلا : كونها مضمرة مع أنّ المكاتبة بلحاظ بقائها بعنوان السند أقرب إلى التقيّة وشبهها بخلاف القول ؛ فإنّه يوجد وينعدم.
وثانيا : أنّ الراوي عليّ بن محمّد القاساني من أصحاب الإمام الهادي عليهالسلام بلحاظ رواية محمّد بن حسن الصفّار عنه ، وضعّفه أعاظم الرجاليّين ، لا عليّ بن محمّد بن شيرة القاساني الموثّق.
قال الشيخ الأنصاري قدسسره : «والإنصاف أنّ هذه الرواية أظهر ما في هذا الباب من أخبار الاستصحاب ، إلّا أن سندها غير سليم» (٢).
وأنكر المحقّق الخراساني قدسسره دلالتها عليه ، فضلا عن أظهريّتها (٣).
__________________
(١) الوسائل ٧ : ١٨٤ ، الباب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١٣.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٧١.
(٣) كفاية الاصول ٢ : ٢٩٦.