فتدعه من قبل نفسك» (١).
وفي معنى الروايات احتمالات :
الأوّل : ما يستفاد من كلام المشهور ، وهو أنّ الغاية فيها ـ أي «حتّى تعلم» ـ قيد للموضوع ـ أي قوله : «كلّ شيء» وقوله : «الماء» ـ والحكم فيها يترتّب على الموضوع المقيّد ، فالموضوع في الحقيقة ليس الأشياء بعناوينها الواقعيّة ، بل بوصف كونها غير معلومة الطهارة والحرمة ، فالمستفاد منها : أنّ كلّ شيء قبل أن يكون معلوم الحرمة فهو حلال ، وكلّ شيء قبل أن يكون معلوم النجاسة فهو طاهر ، والغاية تهدينا إلى هذا المعنى ، فلا ربط للروايات بالاستصحاب ولا تكون مبيّنة للأحكام الواقعيّة ، فإنّها في مقام جعل قاعدتي الطهارة والحلّيّة في مورد الشكّ فيهما.
الاحتمال الثاني : ما يستفاد من كلام المحقّق الخراساني قدسسره فقد ذهب في الكفاية إلى دلالة صدر الروايات على الحكم الواقعي ، ودلالة غايتها على الاستصحاب ، وفي «تعليقته» إلى دلالة الصدر على الحكم الواقعي وقاعدة الطهارة والحلّيّة ، والغاية على الاستصحاب.
فقال في بيان الأوّل ما حاصله : أنّ الصدر ظاهر في بيان حكم الأشياء بعناوينها الأوّليّة ، لا بما هي مشكوكة الحكم ، والغاية تدلّ على استمرار ما حكم على الموضوع واقعا من الطهارة والحلّيّة ظاهرا ، ما لم يعلم بطروّ ضدّه أو نقيضه. ومعناهما أنّ كلّ شيء محكوم بالطهارة والحلّيّة الواقعيّتين ، وهما مستمرّان بالاستمرار الظاهري إلى زمان العلم بحصول النجاسة والحرمة ، فالغاية قيد لقوله : «طاهر» وقوله : «حلال» ، ويستفاد منها حكمان : الطهارة
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.