أنّ الطهارة والحلّيّة الواقعيّتين مستمرّتان إلى أن يعلم خلافهما ، لكن جعل الغاية للطهارة والحلّيّة الواقعيّتين لازمه استمرار الواقعيّتين منهما في زمن الشكّ ، لا الظاهريّتين ويرجع حينئذ إلى تخصيص أدلّة النجاسات والمحرّمات الواقعيّة ، فتكون النجاسات والمحرّمات في صورة الشكّ فيهما طاهرة وحلالا واقعا ، وهو كما ترى باطل لو لم يكن ممتنعا».
ثمّ قال : «فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ الجمع بين الحكم الواقعي والقاعدة والاستصحاب ممّا لا يمكن ، فلا بدّ من إرادة واحد منها ، ومعلوم أنّ الروايات ظاهرة في قاعدة الحلّ والطهارة ، بل مع فرض إمكان الجمع بينها أو بين الاثنين منها يكون ظهورها في القاعدتين محكّما ، وليس كلّ ما يمكن يراد» (١).
والإنصاف أنّ بين صدر كلامه وذيله نوع من التهافت ، فإنّ ظاهر كلامه في الصدر عدم دلالة الروايات على قاعدة الطهارة والحلّيّة ؛ لعدم إمكان جعل الغاية للحكم المغيّا بها ذاتا ، وصريح قوله في الذيل بأنّ الروايات ظاهرة في قاعدة الحلّ والطهارة ، بل مع فرض إمكان الجمع بينها أو بين الاثنين منها يكون الظهور في القاعدتين محكما.
مع أنّ الغاية تهدينا إلى أنّ المراد من الطهارة هنا هي الطهارة الظاهريّة ، والمراد من الحلّيّة هي الحلّيّة الظاهريّة ؛ لعدم إمكان أخذ العلم غاية في الأحكام الواقعيّة كما التزم به المشهور.
والإشكال الخامس : ما يستفاد من كلام المحقّق النائيني رحمهالله (٢) وهو : أنّه لا طريق لدلالة قوله : «كلّ شيء طاهر» على الحكم الواقعي وأخذ قوله : «حتّى
__________________
(١) الاستصحاب : ٦٣.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٥٩ ـ ٦٢.