فلا بدّ من الحكم بعدم نجاسته أيضا ؛ لأنّه لاقى طاهرا يقينا وأحد طرفي الشبهة ، والمفروض أنّ ملاقاة شيء منهما لا توجب النجاسة مع أنّ مقتضى استصحاب الكلّي هو الحكم بنجاسة الملاقي للطرفين ، فلا بدّ من رفع اليد عن جريان الاستصحاب في الكلّي أو القول بنجاسة الملاقي لأحد أطراف الشبهة المحصورة ؛ لعدم إمكان الجمع بينهما في المقام (١).
وجوابه : أوّلا : ما يستفاد من كلام سيّدنا الإمام قدسسره والمحقّق النائيني رحمهالله وهو : أنّ جريان استصحاب النجاسة وإن كان ممّا لا مانع منه ؛ لأنّ وجود النجاسة في الثوب كان متيقّنا ، ومع تطهير أحد طرفيه يشكّ في بقائه فيه ، إلّا أنّه لا يترتّب على ملاقاة الثوب أثر ملاقاة النجس ، فإنّ استصحاب بقاء الكلّي أو الشخص الواقعي لا يثبت كون ملاقاة الأطراف ملاقاة النجس إلّا بالأصل المثبت ؛ لأنّ ملاقاة الأطراف ملاقاة للنجس عقلا.
وليس لأحد أن يقول : إنّه بعد استصحاب نجاسة الثوب تكون الملاقاة معها وجدانيّة ؛ لأنّ ما هو وجداني هو الملاقاة مع الثوب لا مع النجس ، واستصحاب بقاء النجاسة بالنحو الكلّي ، وكذا استصحاب النجس الذي كان في الثوب ، ـ أي الشخص الواقعي ـ لا يثبت أنّ الملاقاة مع الثوب بجميع أطرافه ملاقاة للنجاسة إلّا بالاستلزام العقلي ، وفرق واضح بين استصحاب نجاسة طرف معيّن من الثوب ، وبين استصحاب نجاسة فيه بنحو غير معيّن ؛ فإنّ ملاقاة الطرف المعيّن المستصحب النجاسة ملاقاة للنجس المستصحب وجدانا ، فإذا حكم الشارع بأنّ هذا المعيّن نجس ينسلك في كبرى شرعيّة هي : «أنّ ملاقي النجس نجس» ، وأمّا كون ملاقاة جميع الأطراف ملاقاة
__________________
(١) نهاية الافكار ٤ : ١٣٠.