وجوابه : أنّ الحكم بنجاسة الملاقي في جزء غير معيّن يرتبط بالعقل ، بل لا طريق له غير العقل ، بخلاف الجزء المعيّن ، فإنّ نجاسته ثابتة بالاستصحاب وملاقاة اليد مع الرطوبة بالوجدان ، فلا نحتاج إلى حكم العقل ، وأمّا في الجزء المردّد فنقول بعد الملاقاة مع جميع أجزاء العباءة ، فلا محالة لاقى الجزء غير المعيّن المحكوم بالنجاسة ، وهذا حكم العقل.
والحاصل : أنّه إذا علمنا إجمالا بنجاسة الجزء الأعلى أو الأسفل من العباءة ، وبعد تطهير الجزء الأسفل منه والشكّ في بقاء النجاسة فيه ، فنستصحب كلّي النجاسة فيه ، ولكن ملاقاة اليد مع الرطوبة في كلا الطرفين ـ الأعلى والأسفل ـ لا يوجب نجاسته ، فإنّ المحرز بالاستصحاب هي النجاسة المتحقّقة في العباءة بوصف الكلّي فقط ، ولا دليل لنجاسة اليد ، ولا يشمله :«ملاقي النجس نجس» ؛ إذ لم يحرز أنّه لاقي النجس ، وكون ملاقاة العباءة ملاقاة للنجس لازم عقلي لا يترتّب على الاستصحاب.
وثانيا : أيضا ما يستفاد من كلام المحقّق النائيني رحمهالله كما ذكره صاحب المصباح قدسسره وهو : أنّ الاستصحاب الجاري في مثل العباءة ليس من استصحاب الكلّي في شيء ؛ لأنّ استصحاب الكلّي إنّما هو فيما إذا كان الكلّي المتيقّن مردّدا بين فرد من الصنف الطويل وفرد من الصنف القصير ، كالحيوان المردّد بين البق والفيل على ما هو المعروف ، بخلاف المقام ، فإنّ التردّد فيه في خصوصيّة محلّ النجس مع العلم بخصوصيّة الفرد ، والتردّد في خصوصيّة المكان أو الزمان لا يوجب كلّيّة المتيقّن ، فليس الشكّ حينئذ في بقاء الكلّي وارتفاعه حتّى يجري الاستصحاب فيه ، بل الشكّ في بقاء الفرد الحادث المردد من حيث المكان. وذكر لتوضيح مراده مثالين :