رأسا ؛ لأنّ شخصيّة الفرد وهويّته باقية في جميع المراتب عقلا وعرفا ، فالسواد الشديد إذا صار ضعيفا ليس تبدّله من الكمال إلى النقص تبدّل فرد بفرد آخر ، أمّا عقلا فواضح ، وأمّا عرفا فلأنّ المراتب عندهم في أمثاله من قبيل الحالات والشئون للشيء ، فشدّة السواد وضعفه من حالات نفس السواد مع بقائه ذاتا وتشخّصا ، فالاستصحاب في مثله من استصحاب الشخصي والجزئي ، فما ذكره الشيخ قدسسره من الاستثناء المنقطع.
نعم ، فيما إذا علم بوجوب شيء وقطع بزواله ، واحتمل تبدّله بالاستحباب يكون من القسم الثالث ؛ لأنّه من قبيل تبدّل فرد من الطلب بفرد آخر مغايرا عرفا وعقلا.
وقال صاحب الكفاية قدسسره : «وأمّا إذا كان الشكّ في بقاء الكلّي من جهة الشكّ في قيام خاصّ آخر في مقام ذاك الخاصّ الذي كان في ضمنه بعد القطع بارتفاعه ، ففي استصحابه إشكال أظهره عدم جريانه ، فإنّ وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده إلّا أنّ وجوده في ضمن المتعدّد من أفراده ليس من نحو وجود واحد له ، بل متعدّد حسب تعدّدها ، فلو قطع بارتفاع ما علم وجوده من الأفراد لقطع بارتفاع وجود الكلّي وإن شكّ في وجود فرد آخر مقارن لوجود ذاك الفرد أو لارتفاعه ، بنفسه أو بملاكه ، كما إذا شكّ في الاستحباب بعد القطع بارتفاع الايجاب بملاك مقارن أو حادث» (١).
وقال استاذنا السيّد الإمام قدسسره في مقام الجواب عنه : «وأمّا ما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره من تعدّد الطبيعي بتعدّد الفرد ، وأنّ الكلّي في ضمن فرد غيره في آخر ، ولذا اختار عدم الجريان مطلقا ، فهو حقّ في باب الكلّي الطبيعي عقلا
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣١٢.