كما حقّق في محلّه ، لكن جريانه لا يتوقّف على الوحدة العقليّة ، بل الميزان وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوك فيها عرفا ، ولا إشكال في اختلاف الكلّيّات بالنسبة إلى أفرادها لدى العرف.
وتوضيحه : أنّ الأفراد قد تلاحظ بالنسبة إلى النوع التي هي تحته ، كزيد وعمرو بالنسبة إلى الإنسان ، وقد تلاحظ بالنسبة إلى الجنس القريب كزيد وحمار بالنسبة إلى الحيوان ، وقد تلاحظ بالنسبة إلى الجنس المتوسّط أو البعيد ، وقد تلاحظ بالنسبة إلى الكلّي العرضيّ ، كأفراد الكيفيّات والكمّيات التي هي مشتركة في العروض على المحلّ.
ولا يخفى أنّ الأفراد بالنسبة إلى الكلّيّات مختلفة عرفا ، فإذا شكّ في بقاء نوع الإنسان إلى ألف سنة يكون الشكّ في البقاء عرفا مع تبدّل الأفراد ، لكنّ العرف يرى بقاء النوع مع تبدّل أفراده ، وقد يكون الجنس بالنسبة إلى أفراد الأنواع كذلك ، وقد لا يساعد عليه نظر العرف ، كأفراد الإنسان والحمار بالنسبة إلى الحيوان ، فإنّ العرف لا يرى الإنسان من جنس الحيوان ، وقد لا يساعد عليه نظر العرف في أفراد الأجناس البعيدة ، وقد يساعد على ذلك.
وبالجملة ، الميزان وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوك فيها عرفا ، ولا ضابط لذلك (١).
فلا نقول بجريان استصحاب الكلّي في هذا القسم مطلقا ، ولا بعدم جريانه مطلقا ، ولا بالتفصيل الذي ذكره الشيخ قدسسره ، بل جريانه وعدم جريانه تابع لوحدة القضيّتين بنظر العرف وعدمها.
وقال بعض الأعلام قدسسره : «والصحيح عدم جريان الاستصحاب في
__________________
(١) الاستصحاب : ٩٣.