الصورتين ؛ لأنّ الكلّي لا وجود له إلّا في ضمن الفرد ، فهو حين وجوده متخصّص بإحدى الخصوصيّات الفرديّة ، فالعلم بوجود فرد معيّن يوجب العلم بحدوث الكلّي بنحو الانحصار ـ أي يوجب العلم بوجود الكلّي المتخصّص بخصوصيّة هذا الفرد ـ وأمّا وجود الكلّي المتخصّص بخصوصيّة فرد آخر فلم يكن معلوما لنا ، فما هو المعلوم لنا قد ارتفع يقينا ، وما هو محتمل للبقاء لم يكن معلوما لنا ، فلا يكون الشكّ متعلّقا ببقاء ما تعلّق به اليقين ، فلا يجري فيه الاستصحاب» (١).
وجوابه : أنّ احتياج وجود الكلّي إلى الخصوصيّات الفرديّة لا بحث فيه ، إلّا أنّ الكلّي بعد التحقّق والوجود كأنّه ينحلّ إلى أمرين أو حيثيّتين : إحداهما حيثيّة الكلّي المتحقّق ، والاخرى حيثيّة الخصوصيّات الفرديّة ، والاستصحاب يجري في الأمر الأوّل ـ أي الكلّي المتحقّق ـ ولا فرق بين زيد وعمرو وسائر الأفراد في كلّي الإنسانيّة المتحقّقة ، والفرق إنّما يرجع إمّا إلى مقالة صاحب الكفاية ، وإمّا إلى ما ذكره النائيني رحمهالله وبعد ردّ ما ذكراه تستفاد وحدة كلّي الإنسان المتحقّق في ضمن زيد مع كلّي الإنسان المتحقّق في ضمن عمرو ـ مثلا ـ ، والاختلاف في الخصوصيّات الفرديّة فقط ، فلا مانع من استصحاب الكلّي هنا.
وترد على هذا القسم من الكلّي أيضا شبهة نظير الشبهة العبائيّة في القسم الثاني منه ، وهي : أنّه إذا قام أحد من النوم واحتمل جنابته في حال النوم لم يجز له الدخول في الصلاة مع الوضوء ، بناء على جريان الاستصحاب في الصورة الاولى من القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، وذلك لجريان استصحاب
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ١١٤ ـ ١١٥.