شبهة النراقي
وحاصل الشبهة : أنّ استصحاب الوجود دائما معارض باستصحاب العدم الأزلي في الأحكام ، تكليفيّة كانت أو وضعيّة ، فاستصحاب وجوب الجلوس بعد الزوال معارض باستصحاب عدم وجوب الجلوس المتقيّد بكونه بعد الزوال ، فإنّ عنوان الجلوس المتقيّد بما بعد الزوال من العناوين التي يمكن أن تكون مستقلّة في الحكم ، فهو غير محكوم بالوجوب في الأزل ، فيستصحب عدم الوجوب الأزلي ، ويعارض باستصحاب وجوب الجلوس الثابت قبل الزوال.
وإشكال عدم اتّصال زمان الشكّ باليقين مدفوع بأنّه قبل مجيء زمان وجوب الجلوس قبل الزوال ـ أي حينما صدر الدليل لوجوبه ـ يكون اليقين والشكّ حاصلين ومتّصلا أحدهما بالآخر بالنسبة إلى الجلوس بعد الزوال (١).
وأجاب عن الشبهة الشيخ الأنصاري قدسسره بأنّ الأمر الوجودي المجعول إن لوحظ الزمان قيدا له أو لمتعلّقه ، بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيّد بكونه إلى الزوال شيئا والمقيّد بكونه بعد الزوال شيئا آخر متعلّقا للوجوب ، فلا مجال لاستصحاب الوجوب ؛ للقطع بارتفاع ما علم وجوده والشكّ في حدوث ما عداه ، ولذا لا يجوز الاستصحاب في مثل : «صم يوم الخميس» إذا شكّ في وجوب صوم يوم الجمعة.
وإن لوحظ الزمان ظرفا لوجوب الجلوس فلا مجال لاستصحاب العدم ؛ لأنّه إذا انقلب العدم إلى الوجود المردّد بين كونه في قطعة خاصّة من الزمان وكونه أزيد ، والمفروض تسليم حكم الشارع بأنّ المتيقّن في زمان لا بدّ
__________________
(١) مناهج الأحكام والاصول للمحقّق النراقي : ٢٣٩ ، السطر ٩.