للزبيب وإن كان مسبّبا عن الشكّ في بقاء الحرمة التعليقيّة له ، إلّا أنّ جريان استصحاب الحرمة التعليقيّة بعنوان الأصل السببي لا يوجب حرمة الزبيب بعد الغليان شرعا وتعبّدا ، فإنّها ليست من الآثار الشرعيّة لجعل الحرمة للعنب على تقدير الغليان مطلقا ، بلا اختصاص لها بحال كونه عنبا ، بل هي من اللوازم العقليّة ، فلا مجال للحكومة ، فيبقى التعارض بحاله(١).
وقال استاذنا السيّد الإمام رحمهالله : «والتحقيق في المقام أن يقال : إنّ استصحاب الحرمة التعليقيّة حاكم على استصحاب الإباحة كسائر الحكومات ؛ لأنّ شرط حكومة أصل آخر ـ كما أشرنا إليه ـ أمران : أحدهما : كون أحد الشكّين مسبّبا عن الآخر.
الثاني : أن يكون جريان الأصل في السبب رافعا للشكّ عن المسبّب تعبّدا ، فاستصحاب كرّيّة الماء يكون حكمه طهارة الثوب المغسول به بحسب الكبرى الشرعيّة من «أنّ الكرّ مطهّر» ، فيرفع الشكّ في أنّ الثوب طاهر أو لا ؛ لأنّ الشكّ في الطهارة والنجاسة متقوّم بطرفي الترديد ، فإذا وقع التعبّد بالبناء على أحد طرفي الترديد يرفع الشكّ قهرا.
وإن شئت قلت : إنّ الشكّ في الطهارة والنجاسة شكّ واحد وحالة ترديديّة واحدة يكون أحد طرفيها الطهارة والآخر النجاسة ، فإن قيست هذه الحالة الترديديّة بالنسبة إلى وجود الطهارة وعدمها تكون شكّا في الطهارة وعدمها ، وبالنسبة إلى وجود النجاسة وعدمها تكون شكّا في النجاسة وعدمها.
وإن قيست بالنسبة إلى الطهارة والنجاسة تكون شكّا فيهما ، فلا تكون في النفس إلّا حالة واحدة ترديديّة ، يكون أحد طرفيها الطهارة والآخر النجاسة ،
__________________
(١) مصباح الاصول ٣ : ١٤١.