لعدم إمكان إثبات شبهة مصداقيّة الدليل بنفس الدليل ، فإن شككنا في صدق نقض اليقين بالشكّ وعدمه في مورد لا يجوز التمسّك بقوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» لإحرازه ، فإنّه أيضا من قبيل التمسّك بالدليل في شبهة مصداقيّته.
إذا عرفت ذلك فنقول : لا بدّ لنا من فرض أزمنة ثلاثة : زمان اليقين بعدم حدوث كلا الحادثين ، وزمان حدوث أحدهما بلا تعيين ، وزمان حدوث الآخر كذلك ، فنفرض أنّ الماء كان قليلا بدون الملاقاة والكرّيّة في يوم الخميس ، فعدم الكرّيّة وعدم الملاقاة كلاهما متيقّن يوم الخميس ، وعلمنا بحدوث أحدهما لا بعينه يوم الجمعة ، وبحدوث الآخر يوم السبت ، ولا ندري أنّ الحادث يوم الجمعة ، هي الملاقاة حتّى ينفعل الماء ، أو الكرّيّة حتّى لا ينفعل ؛ إذ الملاقاة بعد الكرّيّة لا توجب الانفعال ، فإن لوحظ الشكّ في حدوث كلّ من الحادثين بالنسبة إلى عمود الزمان يكون زمان الشكّ متّصلا بزمان اليقين ، فإنّ زمان اليقين بالعدم يوم الخميس ، وزمان الشكّ في حدوث كلّ واحد من الحادثين يوم الجمعة ، وهما متّصلان ، فلا مانع من جريان استصحاب عدم الكرّيّة يوم الجمعة.
إلّا أنّه لا أثر لهذا الاستصحاب ، فلا بدّ من جريان استصحاب عدم الكرّيّة في زمان حدوث الملاقاة ، وزمان حدوث الملاقاة مردّد بين الجمعة والسبت ، فإن كان حدوثها يوم الجمعة فزمان الشكّ متّصل بزمان اليقين ، وإن كان يوم السبت فزمان الشكّ غير متّصل بزمان اليقين ؛ لأنّ زمان اليقين يوم الخميس على الفرض ، وزمان الشكّ يوم السبت ، فيوم الجمعة فاصل بين زمان اليقين وزمان الشكّ ؛ إذ معناه تحقّق الكرّيّة يوم الجمعة ، فإن كان كذلك انتقض اليقين بعدم الكرّيّة ، ومع احتمال انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين لا مجال للتمسّك