بدليل حجّيّة الاستصحاب ؛ لما عرفت من أنّ الشبهة مصداقيّة. هذا محصّل كلام صاحب الكفاية رحمهالله (١).
ويرد عليه : أوّلا : أنّ الشبهة المصداقيّة فيما إذا ارتبط أحد طرفي الاحتمال بعنوان الدليل الآخر المخالف له ، كما إذا قال المولى : «أكرم العلماء» وشككنا في عالميّة زيد ، نقول يحتمل أن يكون عالما فينطبق عليه عنوان الدليل ، ويحتمل أن لا يكون عالما فلا ينطبق عليه العنوان.
وهذا المعنى لا يتحقّق فيما نحن فيه ، فإنّ شبهة مصداقيّة قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» فيما يحتمل أن يكون نقضا لليقين بالشكّ ، ويحتمل أن لا يكون كذلك ، ولا ينطبق هذا المعنى في ما نحن فيه ؛ إذ الملاقاة إن حدثت يوم السبت معناه حدوث الكرّيّة يوم الجمعة ، فليس هنا نقض اليقين بالشكّ ، بل نقض اليقين باليقين بالكرّيّة ، وإن حدثت يوم الجمعة معناه حدوث الكرّيّة يوم السبت ، فليس في يوم الجمعة نقض اليقين بالشكّ بل يستمرّ اليقين ، فالأمر دائر بين اليقين بالوفاق واليقين بالخلاف ، فلا تتحقّق هنا شبهة مصداقيّة قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ، هذا أوّلا.
وثانيا : أنّه يتولّد الشكّ من اليقينين الموجودين في القضيّتين التعليقيّتين ، كما إذا علمنا بأنّ زيدا إن ركب السيّارة الفلانيّة فقد مات قطعا ، وإن لم يركب فهو حي قطعا ، فاحتمال ركوب السيّارة وعدمه صار منشأ للشكّ في بقاء حياته ، ولا يضرّ باستصحاب حياته ، وكذا العلم بحدوث الكرّيّة والعلم بحدوث الملاقاة في يوم الجمعة ويوم السبت يوجبان الشكّ بتحقّق الكرّيّة في زمان الملاقاة وعدمه ، فلا مانع من استصحاب عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة.
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦.