وثالثا : ما ذكره عدّة من المحقّقين منهم استاذنا السيّد الإمام رحمهالله وملخّصه : أنّ العناوين المأخوذة في أدلّة الموضوعات قد تكون من العناوين الواقعيّة الخارجيّة ـ كالخمر والعدالة ونحو ذلك إلّا أنّ واقعيّة كلّ شىء بحسبه ـ وقد تكون من الامور الوجدانيّة ـ كاليقين والظنّ والشكّ ـ ولا يخفى أنّ الشبهة المصداقيّة قابلة للتصوّر وأمر معقول في القسم الأوّل ، أي العناوين الواقعيّة الخارجيّة ، بخلاف القسم الثاني ، أي الامور الوجدانيّة ؛ إذ لا يمكن أن يكون الإنسان شاكّا في أنّ له يقينا بأمر كذائي أو لا أو أنّ له شكّا بأمر كذائي أو لا ، إلّا من بعض أهل الوسوسة الشاكّين في وجدانيّاتهم ، وهو خارج عن محلّ الكلام ، ولا بدّ من تصوّر الشبهة المصداقيّة في الامور الوجدانيّة بهذه الكيفية ـ أي الشكّ في أنّ الشكّ حصل له أم لا ـ وهو أمر غير معقول ، فإنّ أمرها دائر بين الوجود والعدم ولا تقبل الترديد ، فلا تتصوّر الشبهة المصداقيّة في الامور الوجدانيّة ، فلا يعقل الشكّ في عدم اتّصال الشكّ اللاحق واليقين السابق بحيث يصير الإنسان شاكّا في تخلّل يقين بالضدّ بين اليقين السابق والشكّ اللاحق فعلا ؛ لأنّ الملاك أن يكون الإنسان حين الجريان شاكّا ومتيقّنا ومتّصلا زمان شكّه بيقينه بحسب حاله فعلا ، والوجدان شاهد بتحقّق اليقين بعدم الكرّيّة يوم الخميس وتحقّق الشكّ في بقائه إلى زمان الملاقاة حين الجريان.
ويمكن أنّ يتوهّم تحقّق الشبهة المصداقيّة لقوله «لا تنقض اليقين بالشكّ» بالصورة التالية : لو علم المكلّف بأنّه كان مجنبا في أوّل النهار وتطهّر منها جزما ، ثمّ نام ورأى في ثوبه منيّا بعد الانتباه ، وعلم إجمالا بأنّه إمّا من جنابته التي قطع بارتفاعها بالغسل أو من جنابة جديدة ، فيكون إجراء استصحاب الجنابة المقطوعة الموجبة لتلوّث الثوب ممنوعا ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان