مقطوع الارتفاع والآخر مشكوك الحدوث.
نعم ، يمكن جريان الاستصحاب هنا بنحو كلّي القسم الثالث بأن يحتمل حدوث الجنابة الثانية عند زوال الاولى مقارنا له ، فلا مانع من استصحاب كلّي الجنابة في هذه الصورة.
فلا يرتبط عدم جريان الاستصحاب في غيرها بإحراز اتّصال زمان الشكّ باليقين وعدمه أصلا (١).
ومن الموارد التي يتوهّم أنّها من الشبهة المصداقيّة لدليل الاستصحاب من حيث اعتبار عدم تخلّل يقين آخر بين اليقين السابق والشكّ اللاحق فلا لا يجري الاستصحاب ، هو ما إذا علمنا بعدالة زيد ـ مثلا ـ في زمان وشككنا في بقائها الآن ، ولكن نحتمل كوننا متيقّنين بفسقه بعد اليقين بعدالته ، فلا يجري استصحاب العدالة ؛ لاحتمال تخلّل اليقين بالفسق بين اليقين بالعدالة والشكّ في بقائها ، فتكون الشبهة مصداقيّة.
وجوابه : أنّه لا يعتبر في الاستصحاب سبق اليقين على الشكّ ، بل يكفي حدوثهما معا ، فمع فرض اليقين الفعلي بحدوث العدالة في زمان والشكّ في بقائها لا يمنع من جريان الاستصحاب احتمال وجود اليقين بفسقه سابقا ، بل لا يقدح في الاستصحاب اليقين بوجود اليقين بفسقه مع احتمال كون اليقين بالفسق مخالفا للواقع ، فضلا عن احتمال اليقين بفسقه ، فإذا علمنا يوم الجمعة بعدالة زيد ، ثمّ علمنا بفسقه يوم السبت ، ثمّ تبدّل اليقين بفسقه بالشكّ الساري فيه يوم الأحد ، فيوم الأحد نعلم بحدوث عدالته يوم الجمعة ونشكّ في بقائها الآن ؛ لاحتمال كون اليقين بفسقه يوم السبت مخالفا للواقع ، فباعتبار هذا اليقين الفعلي
__________________
(١) الاستصحاب : ١٧٢ ـ ١٧٣.